عن الشعر..
- نكتب عن الفن لنَعْرِفه لا لنُعَرِّفه!،..
- أن لا أسمع شعراً أبداً، أن لا أقرأ شعراً بقيّة حياتي، خيرٌ لي وأسعد لنفسي من أن أسمع أو أن أقرأ شعراً رديئاً!،..
- ولم أجد أكثر رداءةً من الشعر العادي، من المعاني العاديّة، المكررة آلاف المرّات عبر آلاف السنين، والتي تُقال، أو يُمكن لها أن تُقال، في أي لحظة، ومن أي أحد!،..
أن لا أسمع، وأن لا أقرأ، وأن لا أكتب، وأن أتلقّى كل الملامات والعتب، والازدراء والاتهامات، خيرٌ لي من سماع أو كتابة مكرور وعادي، يثرثر ولا يقول شيئاً!،..
- الصمت أكرم من أن تتكلم فلا تقول شيئاً!، وإن لسمعك عليك حق أيضاً!،..
- تقرفني معاني الشعر العاديّة، التي من فرط عاديّتها، لا يحق لك حتى اتهام صاحبها بالسرقة، أو التأثّر، أو الخطأ!،..
- في الفن: ليس في كل زللٍ زُلال، غير أنه ما مِن زُلالٍ بغير زَلل!،..
- أظن وأحس أنني أظلم حتى كلمة "عادي"، وأن عليّ أن أبحث عن كلمة أخرى، أقصد أن أبحث وأن أجد، لأنني بالفعل بحثت، وحاولت، ولكنني كلّما وجدت كلمةً أحسست بأنني أظلمها أيضاً، أظلمها أكثر!، وإلى أن أصل إلى الكلمة التي أريد في هذا الأمر، إلى كلمة تنقذ "العادي" من الشعر الرديء، سأقول معتذراً: عادي أن أظلم العادي!، ما دمت سأعتذر له، يكفيه الاعتذار مؤقتاً، لسبب بسيط لكنه جوهري: لأنني لا أعرف حتى هذه اللحظة لماذا يجب عليّ الاعتذار منه أصلاً؟!،..
- العرب فهموا الشعر، فهماً عالياً، تدنّى فيما بعد، وانحطّ أسفل سافلين!،..
- كل الأمم والشعوب والمجتمعات التي خلطت الشعر بالمنفعة، أساءت إليه، وكل من خلط الشعر بالمنفعة، أتمّ الجور!، فجعل من الشعر عبداً مطيعاً لهذه المنافع!،..
سأكون أكثر جرأةً وأقول إن ما أقصده وما أعنيه بـ "المنافع" هنا، القضايا العامّة والمبادئ والقيم والأخلاقيات والتربية والنصح!، وأن تكون مهمّة الشعر الدفاع عن كل هذه الأشياء!،..
- الشعر لا يدافع حتى عن نفسه، يقدّمها فقط!،..
- أستعيد اليوم فطنة العرب، وأحيي تعريفهم الرائع للشعر بأنه: الكلام الموزون المقفّى!، أفهم المعنى من جديد وتتكشّف لي بهاءاته!،..
وأكتب:
- في هذا التعريف البسيط، يتم استبعاد كريم لأي فائدة أخرى، اجتماعية أو سياسيّة أو غير ذلك، ويُوَجّه التعريف بكليّته إلى الشكل!،..
- كل تعريفات الفن المُقدّرة والمتعوب عليها فيما بعد، دارت وحارت، ولم تجد للفن تعريفاً لا ينبع ويجري ويصب إلا من الشكل وفيه ومعه وله!،..
- لم يكن العرب الأوائل في غفلةٍ أبداً عن المحتوى، لكنهم عرفوا بفطنتهم، وبحسّهم السليم المُعافى، أن إدخال المحتوى في تعريف الشعر، يذبح الشعر والتعريف معاً!،..
- كانوا، برهافةٍ تستأهل الإعجاب والتعجّب، قادرين على إدراك ما للشعر من ضدّيّةٍ مُفارِقةٍ لكل ما هو "عادي"!، دليل ذلك أنهم حينما سمعوا القرآن الكريم، اتهمه، من لم يهده الله منهم، بأنه "شعر"!،..
- كانوا يعلمون أنه ليس شعراً، لكنهم حينما قرروا الإجحاف، وإعلان النكران، وبحثوا عن حجّة أقرب للحِسّ، قالوا إنه شعر!، على الرغم من معرفتهم بمخالفته لأوزان الشعر وقوافيه، ما عرفوا منها وما لم يعرفوا، لكن ولأنهم شهدوا له في دواخلهم على الأقل، بأنه ليس كلاماً عاديّاً أبداً، جاء اختيارهم لوصفه بالشعر كبهتانٍ يمكن تمريره ولو لبعض الوقت وعلى بعض الناس!، المهم أنهم لم يناقشوا في وصفهم هذا الوزن والقافية؛ ما يؤكد أن تعريفهم للشعر بأنه الكلام الموزون المقفّى، لم يكن يُقصد منه حبس آفاق الشعر، وتقييده بالتعريف كقاعدة، أو الإقرار بكفايتها!،..