2017-04-02 | 03:51 مقالات

موسيقاهم: السنباطي والطويل

مشاركة الخبر      

ـ موسيقى السنباطي مشدودة وشادّة دائماً، اشتُهِرت موسيقاه بوصفها فصحوية، أظن أن عبدالوهاب وصف ألحان السنباطي مرّةً بالألحان الفصحى، لكنني أرى فيها ما هو أبعد من ذلك، أتحسسها موسيقى دينيّة في المقام الأول، دعاءً وتضرّعًا وابتهالات، أياً كان مسار الكلمات، وسواء كانت عاميّة أو فصحى، فإن السنباطي يأخذها لابتهالات دافئة أو حرّاقة، وربما بسبب ارتباط حس المآذِن بالفصحى، يكشف سطح اللحن السنباطي عن فصاحة موسيقية تشبه الفصاحة اللغوية، وتُحيل إليها كأقرب مرجع عاطفي للذاكرة!، لكني أظن أنه وفيما لو سُمِعت هذه الموسيقى من قِبَل ناس آخرين، لا يتحدثون العربية ولا يعرفونها، لكن لديهم أُذُن موسيقيّة مُدَرّبة ومصقولة وموهوبة، فإنهم سيجدون في هذه الموسيقى حسّاً دينيّاً، فللتضرّع والابتهال إلى الله عز وجل، الترنيمات الروحية ذاتها عند كل البشر تقريباً!.

 

ـ قفلات السنباطي تتقلّب على جانبيها، ولكنها لا تنقلب على أعقابها، حتى تلك القفلات التي تُعاد تبدو جديدة، ولولا وحشة مفردة الكهرباء، لقلت إنها تُشعرك بمسّ كهربائي فعلاً!.

 

ـ قفلات السنباطي تُزيِّن مفردات القوافي، تمنح الكلمات الأخيرة من المقطع الشعري سلطاناً يُنتج "السَّلْطَنَة"؛ ولذلك يكاد يكون التصفيق الجماهيري الذي يعقب ألحانه جزءًا من هذه الألحان!.

 

ـ تبدو حكاية التصفيق والتّأوّهات في ظلال القفلة السنباطيّة، وكأنها حكاية حقّ درامي للموسيقى أكثر من كونها واجب افتتان!.

 

ـ جُملَة السنباطي اللحنيّة تبدو عفيفة، أكثر بكثير من كونها طريفة، عفيفة وذات كبرياء، ومن أهم ما يميّز الموسيقى السنباطيّة أنها لا تكتفي بتقديم إحساس أو التعبير عنه، تَشعر دائماً أن الجُملة اللحنية لديه تحمل رأياً!.

وبالعودة إلى التصفيق الجماهيري، فإنه يبدو أيضاً وكأنه مؤازرة وتأييد لهذا الرأي اللحني!.

 

ـ موسيقى كمال الطويل لَدِنَة طريَّة، خفيفة على القلب حتى في أحزانها، 

موسيقى إحساس أكثر بكثير من كونها موسيقى رأي!.

 

ـ وبالرغم من أن الكلمات تكون مكتوبة ومُنجَزَة قبل اللحن وفي معزلٍ عنه غالباً، إلّا أنها لا تبدو كذلك مع كمال الطويل؛ ذلك لأن موسيقاه لا تكشف فقط عن الطاقة الحميميّة الخافية في الكلمات، بل تمنح هذه الكلمات قدرة على تخطّي حدودها!. 

 

ـ بمعنى أو بآخر: يعيد كمال الطويل كتابة الكلمات دون أن يُغيِّر منها شيئاً، وفي هذا تكمن عبقريّته!، مثلما تكمن في قدرته على الإمساك بجُمل لحنيّة قابلة للخلود، كما يحدث للشعر حين يقتنص حكمةً أثيرة!.

 

ـ وليس أدلّ على ذلك من جُملته اللحنية في: "ليه خلّيتني أحبك.. روح منك لله"، بالنسبة لي، فإنني أستمع إلى هذه الجملة اللحنية معزولة ومُنفردة ومن غير كلمات، فلا أملّ منها مهما تكررت، بل أجد في تكرارها خصوبة إيحاءات ومشاعر لا تنضب!.