وسادة ودرهم وتفّاحة!
دخل الأحنف بن قيس، فأشار معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه إلى الوساد الطيّب، غير أن الأحنف جلس على الأرض ولم يجلس على الوساد!، تبسّم معاوية: وما منعك يا أحنف من الجلوس على الوساد؟، قال: يا أمير المؤمنين، وصيّة قيس بن عاصمٍ لولده، ألا تغْشَ السلطان فيملّ منكَ، ولا تقطعه فينساك!، ولا تجلس له على فِراشٍ أو وساد، فإن جلستَ فاجعل بينك وبينه مجلس رجُلينِ، فإنه عسى أن يأتي من هو أولى منك بذلك المجلس، فتقوم له عن مجلسك، فيكون قيامكَ زيادةً له، ونقصٌ عليك!.
•••
يُحكى عن رجلٍ، أنه كان من حفظة القرآن وكان مُفوّهًا، ولكنه فيما يبدو كان شديد البخل، ويتضح من الحكاية أنه لم يكن كذوبًا، غير أن صراحته لا تبرأُ من سذاجة، كان الرجل خلطةً عجيبة، وكان البخل أظهر ما في هذه الخلطة، وقد صار إمامًا، يصلي ويخطب في الناس!، وفي واحدةٍ من خطبه أخرج من جيبه درهمًا، وإخراج الدرهم من جيبه كانت حركة استثنائية غير معهودة فيه ولا محمودة منه عنده!، المهم: أمسك بالدرهم، وكانت الخطبة: كم من أرضٍ قطَعْتَ!، وكم من كيسٍ فارقْتَ!، وكم من خاملٍ رفعْتَ!، وكم من رفيعٍ أخمَلْتَ!، لكَ عندي ألّا تَعْرى ولا تضحى!، اسكُن على اسم الله في مكانٍ لا تُهان ولا تُذَلّ ولا تُزعج منه!،.. وأعاد الدرهم إلى جيبه!.
•••
لولا أنني لا أحرِّم حلالًا بإذن الله، لحرّمت على نفسي التّفّاح!، فقد تَشَهّاهُ صديق عمري مساعد الرشيدي ـ رحمه الله ـ في أيامه الأخيرة، ومنعه المرض عنه، اللهم يا حيّ يا قيوم، أطعم عبدك مساعد بن ربيع الرشيدي فاكهة الجنة بفضلك ورحمتك،..
وهذه يا أحبّة حكاية زاهدٍ فقير مع الفاكهة:
مرّ أحد الزّهّاد في السّوق، فرأى فاكهةً أُحسِن تنظيفها وتنظيمها حتّى شعّت وطلبت المُشتهي، يجوع لها حتى غير الجائع لحسن منظرها!، ربما لمسها الزاهد بيده وربما عفّ عن ذلك، غير أنه اشتهاها، وتمنّاها، ولكنه حين سأل عن ثمنها، عرف أن قيمتها فوق طاقته، لم يتحسّر وما قطب الجبين، نظر إلى الفاكهة وتبسّم ابتسامة الظافر وقال: يا فاكهة.. موعدي وإيّاك الجنّة!.