2017-06-19 | 04:23 مقالات

قطر.. المجتمع والتّجمّع!

مشاركة الخبر      

ـ على الأذى، صبرت المملكة العربية السعوديّة طويلاً، حتى صار يُمكن للصبر أن يُعدّ تأخّراً، وصار يُمكن للسؤال أن ينقسم على نفسه: هل تأخّرت فعلاً؟!، ولماذا تأخّرت؟!.

 

ـ من زاوية، وهي واحدة من أكثر الزوايا وضوحاً وكشفاً، يمكن رؤية السعودية بلداً مِحافظاً، وهي صفة لا سلبيّة ولا إيجابيّة بمُطلَق الوصف والمصطلح، لكنها طبيعة وتجربة حياة.

 

ـ أحد أهم أشكال الوحدة السعوديّة، هو ذلك الحس المُحافِظ، على مستوى الشارع والسلطة معاً!، والمعنى والمحتوى واضح من الكلمة نفسها: أن تكون مُحافِظاً، يعني أن تكون أقرب إلى "المُحافظَة" على ما هو موجود ومُتحقِّق ومُعاش، طالما أنه مناسب ومُريح، لا تميل إلى تغييره إلا حين تصطدم بعوائق وتحدّيات حاسمة ومصيريّة، وبعد أن تبذل ما في وسعك لكبح الجماح، والتصدي لهذه التحديات في محاولات جادّة لتجنّبها أو لتذويبها، دون جدوى!.

 

ـ السياسة في قطر عجزت عن فهم مسألتين في غاية الأهمية، الأولى: مسألة الصبر السعودي، والثانية: مسألة انقضائه!.

 

ـ وحده العاشق المُحبّ يعرف الفرق بين الصمت والسكوت!، ووحده القلب الخفّاق بصِلَة الرَّحِم يعرف الفرق بين الغفلة والتغافل!، والجار الحكيم وحده يعرف الفرق بين الحكمة وقِلّة الحيلة، بين سعة الصدر والضعف!.

 

ـ تاهت قطر، منذ أن قرر السياسي فيها، تحويل قطر من مجتمع إلى تجمّع!.

 

ـ هذا التّجمّع لم يكن مُحِبّاً، ولا قريباً في صِلَة الرّحِم، وغابت عنه الحِكمة!.

 

ـ الجغرافيا ظلّت على حالها، مع قليل من الحسرة والندم القطريين لأن قطر لم تقبل بوساطة التحكيم السعودي في الخلاف القطري البحريني على الحدود، وبتدويل الخلاف كسبت البحرين أكثر مما توقعت قطر بكثير!.

 

ـ الجغرافيا بقيت على حالها إلا قليلاً!، الذي تغيّر هو سطوة التجمّع على المجتمع!.

 

ـ ومثلما فشل منتخب التجمّع الرياضي القطري بترديد السلام الوطني، فشل منتخب التجمّع السياسي القطري ولنفس الأسباب بتفهّم الطبيعة السعوديّة وبترديد السلام عموماً!. 

 

ـ الرياضة كانت أقل بذاءة: لم تُردّد السلام، السياسة لم تُرِدْهُ!.

 

ـ ولأن اللغة غير اللغة، فهم منتخب التجمّع السياسي القطري، الهدوء السعودي على أنه قِلّة حيلة، كما فهم الصبر على أنه ضعفاً، ولم يقرأ كتاب "المُحافَظَة" جيداً، يبدو أنه تُرجِمَ له من قِبَلِ منتخب التجمّع الإعلامي بطريقة رديئة وبلغة مُفكَّكة!، خاصة وأن منتخب التّجمّع الديني في قطر أفهم بقيّة التّجمّعات أنه لا يُعيب الترجمة في شيء أن تزوّر وتحوّر، وأن تردّ بدلاً من أن تنقل!، ساخر كبير هذا الفولتير: "وأنتم تعلمون أنه لا ينبغي للمُترجِم أن يَرُدّ على مشاعر الكاتب"!.

 

ـ من الواضح أيضاً، عجز منتخب التجمّع السياسي القطري عن رؤية ما حدث ويحدث في الشأن السعودي في عهده الجديد، رغم وضوح المشهد: حزم سلمان، وأمن محمد بن نايف، وبناء محمد بن سلمان عبر مدّ الحِسّ "المُحافِظ" نفسه بطاقة جديدة والقفز به إلى آفاق أعلى وأكثر رحابة وانفتاحاً، من خلال ضخّ دماء شابّة، مصقولة، في كل أوردة وشرايين الدولة!.

 

ـ المجتمع القطري طيّب ومحب وكريم وشديد السماحة، وهو منّا ونحن له ومعه، المصيبة في التّجمّع!.

 

ـ المجتمع الذي كل من فيه "أهلنا"، زُوِّر بتجمّعٍ قصم الكلمة وقسمها، فصارت: آه.. لنا!.

 

ـ البناء أن تُضيف لا أن تَقسِم!.