دوري المونديال
العودة إلى كأس العالم بعد احتجاب في المونديالين السابقين، جاءت عودة قوية، أنجزها منتخب المملكة، خاطفًا بطاقة التأهل مباشرة وسط مجموعة من العيار الثقيل، أقل ما يُقال عنها إنها تضم "جبّارين" من جبابرة القارة، الذين يُفترض أنهم المرشحون الدائمون للبطاقات الأربع، تاركين نصف البطاقات لفرقنا العربية، خاصة أنّ الكرة السعودية توقفت مسيرتها بكأس العالم بعد مونديال 2006، وهي التي حجزت بطاقات أربعة مونديالات توالياً.
القوة في هذا التأهل، تمثّلت في حسم البطاقة المباشرة أمام اليابان، وعلى حساب أستراليا التي شكّلت الضيف الثقيل الدخيل والبعبع الذي أخاف فرقنا، وكان فوزها ببطولة القارة الأخيرة آخر مظاهر الرعب.
هذه العودة القوية للمونديال تحقّقت بعد مسيرة شاقة من التصفيات، تخلّلتها حالات من عدم الاستقرار الإداري "من اتحاد عيد إلى اتحاد عزت، ومن هيئة ابن مساعد إلى هيئة آل الشيخ محمد ثمّ آل الشيخ تركي بعد التأهل مباشرة".
ولم تكن الحالة الفنية أفضل حالاً؛ فالمدرّب الهولندي لم يهنأ بالاً في حين أنّه لم يهدأ حركة، محقّقاً سلسلة انتصارات طويلة بلا خسارة، غير آبه بكل ما أثير من شكوك وانتقادات حول طريقته، وحول تواجده مراراً خارج المملكة وانشغاله بتحليل المباريات فنيًّا في دوري بلاده..
وسواءً أعتبرنا أنّ مارفيك كفء أم محظوظ، فإنّ نجاحه في انتزاع بطاقة التأهل المباشرة إلى مونديال روسيا، أسكت ولو على مضض، الأصوات التي لم تكن مقتنعة به في أي حال من الأحوال. وها هو الهولندي يحاول رد الاعتبار لنفسه بتريثه بتجديد العقد، متكئًا على قناعة اتحاد الكرة بعمله، بخلاف كل الجهات الأخرى من إعلام وجماهير "قبل التأهل"، وظهر ذلك جليًّا بعد الخسارة أمام الإمارات. وهنا يجب أن تحضر الشجاعة والصراحة في موضوع التجديد للمدرب، الذي جعل المنتخب السعودي أول منتخب عربي يتأهل لمونديال روسيا، والذي على الرغم من ذلك لا يعجب الكثيرين!!.
وفي رأيي، إنّ أهم ما حقّقه هذا التأهل للمونديال، أنّه أتى في لحظة سياسية حساسة تقود خلالها المملكة حربًا ضد الإرهاب، في المنطقة والعالم. وكان لحضور سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المباراة أثر مهم في إنجاز صقور المملكة.
وهذا الإنجاز جاء في أشكال متعددة: فهو ردّ الاعتبار للكرة السعودية، خصوصًا أنّ التأهل كان بهمة اللاعبين وبسواعدهم وأقدامهم، وبخلاف ما كنا نعتقد أنه لن يحصل إلا بمساعدة من صديق.. وهو رد الاعتبار للمدرب "المرجوم" قبل الانتصار، وهو رد الاعتبار لاتحاد الكرة الحالي الذي نزع عنه صفة الاتحاد الطري العود. وهو أعطى الحق لكل من كانوا في "السلطة الكروية"معظم فترات التصفيات، وفي مقدّمتهم رئيس الهيئة ورئيس اتحاد الكرة السابقان.
والحق يُقال، إنّ هذا التأهل القوي لمونديال روسيا كرّس مقولة إنّ الدوري السعودي هو الأقوى في الوطن العربي؛ فالأداء البطولي في التصفيات عكس البنية الملتهبة لدوري هذا العام، وهو بالطبع سيعطي المزيد من الحماس والإثارة والتشويق، وكيف لا وهو دوري المونديال.