2008-08-17 | 06:00 مقالات

العدو والصديق

مشاركة الخبر      

احذر عدوك مرة واحدة واحذر صديقك ألف مرة.. وهذا المثل جدير بأن يُكتب بماء الذهب لأن كثيراً من الصادقين الأنقياء الطيبين يقعون فيه.. فيأسرهم شخص بكلامه الحلو وأسلوبه الجميل وتقاربه في الأفكار والهموم والتطلعات والتجارب فنقترب منه ونسلم له ذواتنا وأفكارنا وأسرارنا ونضع رؤوسنا بحنان وتعلق وارتياح على أكتافه ونعطيه أدق الأسرار وأخصها من النوع الذي ينوء بحمله الجبال ويصبح الملاذ الدنيوي بعد الله في هذه الحياة المكفهرة المليئة بالصعاب... وبعد كل ذلك من القرب والعاطفة والوضوح والصدق والبوح تفاجئ بعد سنوات بأن هذا الصديق انقلب كالحرباء وان بوحك وصدقك وأسرارك سلمتها لمن لا يستحق حيث الخبث واللؤم وسوء الطوية وان الوجوه تبدلت والآراء تغيرت وانك أصبحت مكشوفاً ضعيفاً متهاوياً لأن ذلك الصديق انقلب عليك وهتك خصوصياتك وباعك لغرض من أغراض الدنيا لأنه لئيم ويدور في مصلحته الخاصة وأنه استخدم صداقتك وأسرارك وبوحك وطيبتك ونقاءك لكي يستغلها وقت الضرورة وها هو يفعل بكل بجاحة وقلة أدب مردداً "اللي تكسب به العب به" ودع عنك العواطف فإنها لا تؤكل خبزاً وتكتشف كم كنت جاهلاً بليداً غراً حينما سلمت نفسك لإنسان يفتقد للشهامة والتربية والشموخ "وانه ليس إلا ثلعب حرباء.. متقلب.. متلون.." انقلب فجأة متوهماً بالمثل البليد الذي يقول (اتغدى به قبل أن يتعشى بي..) وعندها على الرغم من الشعور بالمرارة والهزيمة وبالحسرة.... إلا أن هذا الدرس المؤلم فرصة لك لكي تفيق وانه على الرغم من الغدر والخيانة فإن الشمس لا يمكن أن تحجب بغربال وأن عزيمتك وطيبتك ونقاءك هي التي ستنتصر في النهاية... وعليك بالصبر ثم الصبر وثم الصبر وألا تستعجل مستقبلاً بالثقة بأشباه الرجال... وأشباه النساء وممن يقدمون مصالحهم على مبادئهم وعندما تريد أن تختبر الصديق اطلب منه قرضاً مالياً فمن يبادر ويندفع لنجدتك فاقترب منه وأمّن جانبه حتى وان كنت متردداً نحوه.. أما الذي يماطل ويقدم الأعذار فابتعد عنه حتى وان كان كلامه معسولاً وصحبته تبدو جميلة..
احذرعدوك مرة وصديقك ألف مرة... وقد صدق من قال ذلك.