وداعاً كارينيو
من العبارات الجميلة والمؤثرة ترديد بعض جماهير مدرج الشمس لقول الشاعر (قف وناظر دمعتي يوم أدرجت، يوم شفتك ناويا ترحل بعيد) تعبيرا عن حزنها العميق فور سماعها لخبر مغادرة المدرب دانيال كارينيو بعد فشل الإدارة للوصول لاتفاق معه لتدريب النصر للموسم المقبل لإكمال مشوار النجاح الذي تحقق هذا العام وأثمر عن الفوز ببطولتي الدوري وكأس ولي العهد بعد غياب طويل عن الصعود لمنصات التتويج، فالأوروجواني المغامر كان من أهم أدوات عودة العالمي لمكانه الذي عرف به معوضاً فشل الكثير من المدربين الذين حضروا من أوروبا وأمريكا الجنوبية والوطن العربي وأشرفوا على فارس نجد لكنهم أخفقوا من نقله من مرحلة الخسائر والإحباطات لعالم الانتصارات والأفراح.
ـ غادر كارينيو مثقلاً بالبطولات وعشق مدرج الشمس كاملا، الذي تابعه في المباريات وأعجب به وبإخلاصه وحماسه فنقل المدرب اللاتيني (الثائر) ثورته الكروية لعقول وقلوب نجوم الفريق فزرع فيهم حب الفوز وكره الخسارة فنمت في أجسادهم روح الانتصار وغابت روح الانهزامية التي كانت من أهم أسباب تراجع الفريق الأصفر لفترة طويلة، فشاهدنا في العديد من اللقاءات كيف يعود العالمي لأجواء المباريات ويقلب التأخر لفوز عريض وهذه الميزة لم تظهر عند نجومه إلا مع حضوره الذي عمل على هذا الجانب كثيرا ليغير من ثقافة اللاعب النصراوي الذي كان يظهر عليه الاستسلام وعدم المبالاة عند اهتزاز شباكه وقد نجح في هذا الموضوع كثيرا فشاهدنا كيف ترتفع الروح المعنوية عند عناصره ويزداد الضغط على الفريق المنافس لتصحيح مسار المواجهة لتقود مثل هذه الثقافة النصر لتحقيق البطولتين الكبيرتين ليعيش معها محبوه الأفراح والليالي الملاح في كل مناطق ومحافظات ومدن وقرى الوطن.
ـ لم أفهم كيف يتحدث البعض قائلا (لا فض فوه) إن كارينيو فقير فنياً، وأنه يعتمد على الجوانب النفسية ولديه قدرة عجيبة في الحصول على الحد الأقصى من جهد اللاعبين، وأن النصر فاز بالروح والحماس ولم يكسب الكثير من المباريات بسبب تدخلات مدربه الفنية وخططه التدريبية، ومن وجهة نظري مثل هذا الكلام من المفروض تجاهله وإذا أردنا فكارينيو له أخطاء مثل أي مدرب في العالم كبيرا أو صغيرا، لكن إيجابياته كانت تفوق سلبياته وبكثير وهذا الأمر متفق عليه عند النصراويين وعامة الرياضيين فنجوم الفريق الأصفر مثل القائد حسين عبد الغني وغالب وشائع والعنزي وعمر هوساوي ويحيى الشهري والسهلاوي وحسن الراهب وخالد الغامدي ومحمد حسين ومحمد نور أثنوا عليه وأكدوا أنه أسس لروح الأسرة الواحدة وأنه صحح العديد من المفاهيم الكروية وأبرزها أن كرة القدم (متعة وفن وفوز ومجد) فاللاعب مهما بلغت نجوميته ثم ينهي مسيرته الكروية بدون إنجازات سوف ينساه الجميع ولهذا كان يذكرهم بضرورة الفوز بلقب الدوري وأنه الهدف الإستراتيجي الأول له وللإدارة، فالنصر يجب أن يعود للبطولات من الباب الواسع من أجل إسعاد جمهوره وإعادتهم للمدرجات من جديد فكانت العودة تاريخية فصار العالمي حديث كل الرياضيين داخل الوطن وخارجه لتشجع انتصاراته المتتالية وأرقامه القياسية التي حققها جمهوره لمنافسته في تحطيم الحضور الجماهيري وظهرت رسومات ولوحات (التيفو) ليخطف مدرج الشمس نجومية الموسم بكل جدارة.