حليمة العرب
كم من الآمال عُقدت على إقامة بطولة عربية قوية، في أول نسخة بمسمّاها الجديد "البطولة العربية للأندية"، وبرئيس الاتحاد العربي الجديد الأمير تركي بن خالد، وبجوائزها المالية المرتفعة "2,5 مليون دولار للفريق البطل"، وبشركة راعية جديدة "صلة"، وبعدد كبير من الأندية "12"، وبميّزة قد لا تتكرر بمشاركة المتنافسَين التقليديَين في مصر "الأهلي والزمالك"، ونظيريهما في السعودية "الهلال والنصر"، إضافة إلى فرق طليعة عدة في البلدان العربية الأخرى، وأخيرًا وليس آخرًا، إقامة البطولة في مصر بين الإسكندرية والقاهرة.
ولكن حليمة العرب أبت إلّا أن تعود إلى حالتها القديمة: انسحابات قبل البدء "العين الإماراتي"، وانسحاب قبيل البدء "المريخ السوداني"، وهذا انسحاب قسري فرضته قرارات الـ"فيفا" بتجميد نشاط الأندية السودانية.. وعدول عن المشاركة بالفريق الأوّل، وكانت البداية من ذوي القربى "الهلال السعودي"، الذي أرسل إلى مصر الفريق الأولمبي، فيما الفريق الأوّل يُعسكر في النمسا، ومراوغة مصرية زملكاوية لحذو حذو الفريق السعودي، باستحضار مشكلة محلية لتصفية حسابات مع اتحاد الكرة، عن طريق التلويح بالانسحاب من البطولة العربية، إذا لم تتم إعادة مباراته مع المقاصة في الدوري، مع التلميح بسبب آخر يُلصق بمدرب الفريق الأبيض "الذي يدرس الانسحاب بسبب الظروف السلبية بعد الخروج من البطولة الإفريقية"!!
القربى هنا تتشكل سعوديًّا؛ كون الرياض مقر الاتحاد العربي، وكون الرئيس سعوديًّا، والقربى تتمثل مصريًّا في إقامة البطولة في القاهرة والإسكندرية، وقد اشتد ظلم ذوي القربى مصريًّا، حين وجد النادي الأهلي "مهربًا" على الطريقة الزملكاوية، ولاسيما أن السبب مشترك وهو يتعلق بالجماهير، إذ برزت عقبات في تحديد الملعب الذي سيستضيف مبارياته، علاوة على بروز مشكلة عدم استطاعته قيد صفقاته الجديدة في قائمة البطولة العربية، فيما الزمالك اشترط لعدم المشاركة بالفريق الأولمبي.. سماح اللجنة المنظمة "برئاسة المصري علاء عبد العزيز"، حضور جميع طوائف مشجعي الفريق مع تعهد النادي بمنع حضور العناصر الّتي ارتكبت أعمال الشغب، خلال المباراة أمام الأهلي الليبي بدوري أبطال إفريقيا!!
حليمة العرب لا تفارق البطولات العربية؛ ففي كأس العرب السابعة، لم تشارك كل الفرق بالصف الأوّل، خاصة المصري بطل إفريقيا، ونظيريه المغربي والتونسي المشاركين في المونديال الفرنسي.. وفي البطولة العربية الخامسة أرسل الشباب السعودي فريقه الأوّل إلى الرياض لخوض نهائي كأس ولي العهد 1998، فيما خاض في اليوم ذاته مباراته العربية أمام وداد تلمسان بفريق من الناشئين والاحتياطيين!!
وفي خانة الانسحابات، حدّث ولا حرج: الزمالك انسحب بسبب خوض المراحل الحساسة في البطولة الإفريقية، وفي أول بطولة تحت مسمى كأس الأمير فيصل، والتضامن اللبناني بسبب التأجيل المتكرر، والأهلي المصري انسحب من بطولة 1998.. وسُميت البطولة رقم 17 في الدوحة 2001 "بطولة الانسحابات"؛ فالعين انسحب قل بدايتها، والفيصلي الأردني في بداياتها بسبب التحكيم.. وبُذلت جهود إنقاذية لثني مولودية وهران عن الانسحاب!
والحق يُقال، إن الاتحاد العربي يريد أن يحلّق بالبطولات العربية كنسر، فيما العرب يتمنونه نسرًا بلا جناحين، وبدلاً من أن يكون سلطة تُعاقب، يجد نفسه معاقبًا بالانسحابات، وحين أوجد الاتحاد العربي العتيد الحافز بعدما افتقد السلطة الرادعة، بقي التخبط سيد الموقف..
والحق يُقال، إن الاهتمام العربي بالبطولات العربية ليس أبدًا على مستوى الجهود الّتي تبذل من أجل رفعة هذه البطولات.