2017-04-07 | 03:53 مقالات

من السائق السوداني للمترجم اللبناني

مشاركة الخبر      

رحم الله سائق الباص في نادي النصر السعودي، السوداني حسين إبراهيم، وأطال الله بعمر المترجم السابق للنادي ذاته، اللبناني عادل كساب..
عمل مختلف لكل من هذين الموظفين في النادي السعودي الكبير، وقضية واحدة تجمعهما: مستحقات الأجور والرواتب..
لم يكن مستغرباً من رئيس الأمير فيصل بن تركي موقفه الإنساني بتسديد الرواتب المتأخرة للسائق السوداني لسنتين ونصف السنة، ومتابعة علاج عائلته بعد الحادث المروري في مكة المكرّمة، ولفتته الرائعة بتكفله شخصياً باستمرار صرف راتبه الشهري...
وهكذا يلتحق المرحوم حسين إبراهيم بركب المكرمين بعد الوفاة، كما هي واجباتنا "القسرية" التقليدية تجاه من خدمونا بأمانة وإخلاص، وممن لا نذكر فضائلهم ونستذكرها إلا بعد الممات.

 


رحم الله السوداني حسين إبراهيم وأطال الله بعمر اللبناني عادل كساب... ومن لا يذكر عادل كساب ذلك المترجم والمحامي والمثقف الذي يتقن اللغات العديدة، والمتبحّر في عالم الأدب والشعر، والغارف من علوم الطب دون أن يدرس الطب أكاديمياً.

 


وعادل كساب، لمن لا يعرفه، خدم الكرة السعودية، بكل مؤهلاته المذكورة آنفاً، على مدى عشرين عاماً جُلّها في نادي الشباب، وفي منتخب المملكة، وأخيراً في نادي النصر. الجميع كان يستشيره في مختلف القضايا الحياتية، وهو بكل ما عُرف عنه من دماثة الخلق وسعة الاطلاع والمعرفة وتجارب الحياة في المهجر (البرازيل والولايات المتحدة وكندا والسعودية)، تجاوز وظيفته المحدّدة بالترجمة، إلى التصرّف الذاتي بشعور الإنسان الحافظ الجميل للبلد، الذي وفّر له سبل العيش الكريم، فصار سعودي الهوى.

 


هذا اللبناني المسيحي، وانطلاقاً من احترامه لتقاليد السعودية الاجتماعية والتعاليم الإسلامية، وانسجاماً مع سجيته في الاطلاع والغرف من العلم، أصبح ملماً ـ أو كاد ـ بالدين الإسلامي. ولن تتأكد من ذلك، إلاّ إذا استمتعت بجلسة معه واستمعت لدعم حججه بذكر الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة..
كان عادل كساب حاضر الذهن في حالة تصاريح المدربين على الهواء مباشرة، وكان في الترجمة يشذّب ويزيد من عنده مستدركاً خطأً عفوياً للمدرب، من ذلك أنّ المدرب البرازيلي ساندري لوري، حين ذكر في حديثه على الهواء في مصر احتساءه (البيرة) استدرك كساب، قائلاً: بيرة بلا كحول طبعاً.

 


ليس هذا شيئاً حيال انزعاج المدرب الهولندي فاندرليم من الأذان عبر مكبّر الصوت خلال كأس الخليج في الكويت، بوجود كساب المسيحي. في تلك الليلة توقف قلب الهولندي مرتين ثمّ عاش، فأفهمه كساب بطريقة أو بأخرى، بأنّ الله عاقبه ثمّ عفا عنه.. وما حصل بعد ذلك أن طلب فاندرليم من كساب نسخة إنجليزية من القرآن الكريم، وكان عادل كساب حاضراً لمزيد من التفسير والتوضيح في كل الأوقات..
لماذا عادل كساب في هذه العجالة؟ لأنّ له في ذمة النصر مبلغاً أقل من عشرة آلاف دولار منذ ثلاث سنوات، وهذا ثابت عند المحاسب سامح. ومن خلال وعد بالدفع من أحد النصراويين غير المدنيين.

 


ولماذا عادل كساب الآن وليس قبلاً؟ لأنّ الصدفة جمعتني به ليلة تعرّض المرحوم حسين إبراهيم للوفاة.