صناعة رئيس
قد تكون المشكلة بي كوني لا أعرف أحداً من المرشحين الأربعة لرئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم باستثناء معرفة غير معمّقة مع خالد المعمر الذي حضرت مؤتمره الصحافي حين أعلن ترشحه للرئاسة في وجه أحمد عيد الذي نال شرف أن يكون أول رئيس منتخب ويومذاك حرصت على أن أعتذر من أبي رضا لعدم تمكني من حضور مؤتمره الصحافي لأنّ تواجدي في مؤتمر منافسه كان مصادفاً لتواجدي في الرياض، فأبو رضا صديق "عتيق" ورياضي "تاريخي" عايشت سيرته كحارس مرمى.
ولكني تابعت سيرة المرشحين "المغمورين" بالنسبة لي كإعلامي عربي من خلال وسائل الإعلام السعودية برغم متابعتي الميدانية في معظم الأحيان للرياضة السعودية مدى فترة زمنية قاربت نصف القرن.. ولعلّ مقالات الزميل الكاتب القدير إبراهيم بكري في "الرياضية" كوّنت لديّ الخلفية الكافية للمرشحين.
الانطباع العام دفعني للاعتقاد بأنّ أياً من المرشحين الأربعة لا يستوفي المؤهلات ليكون رئيساً لاتحاد كرة قدم في دولة كالسعودية لها مكانتها المرموقة في المنطقة والعالم في كل المجالات السياسية والاقتصادية والرياضية أيضاً وخاصة كرة القدم. ولكن لا بد من الاستفادة من خبرات وكفاءات كل منهم ضمن اتحاد جديد سيكون أمام تحديات التحوّل إلى الاستثمار الرياضي وتخصيص الأندية بكل تعقيدات هذا التحوّل..
قد يكون المعمّر الأكثر مقدرة على تحمّل المسؤولية في هذه المرحلة، من بين المرشحين بالطبع، وليس من بين من هم مؤهلون ولم ينزلوا إلى الميدان وفي طليعتهم الأمير تركي بن خالد رئيس الاتحاد العربي والذي لا مجال لتعداد مؤهلاته وخبراته في هذه العجالة، وقد يكون عادل عزت الأوفر حظاً وتتوفر له عناصر النجاح في العمل إذ لن يبخل عليه داعمه الأكبر الأمير عبدالله بن مساعد في المشورة وتقديم الرأي السديد والأفكار النيّرة..
ولو تجرأنا وقلنا إنّ أحمد عيد هو الأنسب على رأس اتحاد جديد مع مجموعة شابة على غرار بعض المرشحين الحاليين لقامت قيامة من "سخّروا" كتاباتهم ومناظراتهم التلفزيونية لتهديم أحمد عيد واتحاده ولم تقعد، ولكن الرئيس الزائد التهذيب أنجز ما أنجزه ومشى تاركاً النصال تتكسّر على النصال..
ولو كنّا أكثر جرأة وقلنا إنّ محمد النويصر تتوافر فيه مقومات رئيس المرحلة الحالية التي ما زالت في بداية مسيرة التحوّل من التعيين إلى الانتخابات والانتقال إلى عهد المنتخَبين لظلّ البعض يتجاهل نجاحه في رابطة المحترفين وتحمله منصب نائب رئيس الاتحاد في آن علاوة على خبراته كرئيس لنادي الشباب، امتدادا إلى مناصبه في الاتحاد الآسيوي والدولي وفي الاتحاد الخليجي حالياً. ولكن لا جدال في أنّ محمد النويصر شخصية حيادية ووجه محبّب لدى الاتحادات العربية وله علاقات يحتاج المرشحون الحاليون سنوات وسنوات للنسج على منوالها..
والحق يُقال إنّه برغم عدم مواءمة المرشحين مع الحجم الكبير لاتحاد الكرة السعودي، وافتقارهم الكبير إلى العلاقة والمعرفة والاحتكاك بنظرائهم وبصنّاع القرار في الخارج فإنّ ما يجري الآن حيال التجربة الانتخابية الثانية يعكس نضجاً في الوسط الكروي السعودي ومسحة واضحة من الديمقراطية، فما يُقال عن أنّ هذا المرشّح محسوب على هذا المرجع الرياضي، وذاك وراءه تكتّل من الأندية ليس شيئاً أمام تعقيدات تشكيل اتحادات في دول أخرى كلبنان مثلاً حيث الانتخابات تُبنى على فوز مرشحي الطوائف والأحزاب السياسية، بينما ما يحصل في السعودية خطوات وئيدة لصناعة رئيس.