دب ابن همام
"الكنغر" تحوّل من مراعي أستراليا دباً في كرومنا الآسيوية، والعربية تحديداً، وهو "أكل" من دربنا تأهلين للمونديال في عامي 2010 و2014. أي منذ أن أخذ هذا "الكنغر" يقفز في ملاعبنا وفي عقر دارنا ويقضم من منتخباتنا النقاط. وبتعبير أوضح منذ أن سُلخ من أوقيانيا إلى آسيا بسعي عربي، وخليجي تحديداً و"همامي" تسميةً، فرئيس الاتحاد الآسيوي سابقاً القطري محمد بن همام كان وراء جلب هذا الدب ضيفاً ثقيلاً و"بلدوزراً" يجرف بذورنا قبل أن تثمر ..
و"الكنغر" القوي كمنتخب يضم 17 لاعباً يلعبون في الدوريات الأوروبية جلهم من المجنسين، انضم إلى أقوياء شرق آسيا اليابان وكوريا الجنوبية والصين، وإلى الأقوى في الغرب إيران، من دون أن ننسى أوزبكستان، وهذه الفرق الستة عادة ما تكون صاحبة البطاقات الأربع، وقلما ما كان يخطف منها منتخب عربي إحدى البطاقات، مع آمال لم تتحقّق في بطاقة نصف المقعد، خاصة في المونديالين الأخيرين، حيث أسهم الأسترالي بطريقة غير مباشرة في حرمان عرب آسيا وغربها ككل، حين خلفه في تمثيل أوقيانيا المنتخب النيوزيلندي الذي قضى على آخر أمل عربي آسيوي في التواجد بمونديال 2010، بعدما أقصى المنتخب البحريني في الملحق. وتبع ذلك خروج نشامى الأردن أمام الأوروجواي.
وفي مقابل تأهل أستراليا للمونديالين السابقين، غاب عرب آسيا عن المونديال لأول مرة منذ 31 عاماً، وتكرّر الغياب. وها هو شبحه يخيم على فرقنا في التصفيات الحاسمة حالياً، بحيث وحتى كتابة هذه السطور وقبل انطلاق الجولة الثالثة، لم يحقّق سوى الفريق السعودي العلامة الكاملة، فيما فريقا قطر والعراق لم يحققا أي نقطة، بينما الإماراتي خطف ثلاث نقاط غالية من عقر دار اليابان، والسوري غنم ثلاث نقاط ثمينة من الصين.
اليوم وبعد مباراة الأمس، قد يكون السعوديون الأكثر لوماً لمحمد بن همام لجلبه الدب الأسترالي إلى كرمهم. وبالتالي قد يكونون أشد انتقاداً لاتحاد القدم الذي غضّ الطرف عن تفضيل المدرب الهولندي مارفيك هوايته في تحليل المباريات فضائياً، على واجبه في متابعة موسم الكرة السعودي بكل حذافيره عن كثب، واعتماده على تقارير المساعدين، وهذا أمر فريد وعجيب يحصل في عالم كرة القدم الاحترافية.
في كل حال، ليس علينا إلا أن نؤيد خطوة محمد بن همام، لأنها تعني أن نتحدى أنفسنا بدل أن نستسلم للكسل، وأن نوجد الحافز لتطورنا بدل أن نراوح مكاننا فيما الآخرون يتقدمون (خذوا العبرة من تايلاند ونقلتها النوعية). وأن نجعل "الكنغر" فزاعة بدل أن نسترسل في عملنا الارتجالي الذي يقودنا إلى هدر الأموال، بتعاقدات وإقالات وتكاليف البند الجزائي، وتعقيدات المحاكم الرياضية وفض النزاعات..
والحق يُقال، ومهما كان أمر الأمس، فإنّ اتحاد كرة القدم في المملكة يجب أت يوقف "مهزلة" وسابقة التعاقد الغريب مع الهولندي مارفيك، حتى ولو تحوّل إلى بطل التأهل، واستمر في سلسلة المباريات بلا خسارة..
والحق يُقال، إنّ غياب عرب آسيا عن المونديالين السابقين واقتصار التمثيل العربي على المنتخب الجزائري، كان يجب أن يُطلق ورشة البناء للمستقبل منذ سنوات، فها نحن في آسيا نقاتل من أجل نصف مقعد، في حين يفكر "فيفا" بمنح أفريقيا مقعدين إضافيين..
لقد كانت خطوة محمد بن همام بجلب الدب الأسترالي إلى كرمنا حلاً واقعياً لنفيق من سباتنا ويجب أن نشكره في كل الأحوال.