لا تفرطوا بالرئيس وشعاره
أثبت الأمير فيصل بن تركي أنه يتمتع بالمزايا التي تساعده على قيادة نادٍ كبير مثل النصر، هذا النادي (الصعب) والذي زاد من صعوبة قيادته ابتعاده عن منصات التتويج، بل عن المنافسة على الألقاب إلا من بعيد.
هذا الرئيس الذي انتخب بالتزكية في فبراير الماضي، في الذكرى الـ56 لتأسيس النادي، كان على قدر التحديات التي أطلقها منذ البداية، ففي السنة الأولى اقترب كثيراً من الشعار الذي رفعه (عائد بالفريق إلى منصة التتويج) وحل ثالثاً في ترتيب الدوري، وكان صادقاً في القول: سأجلب أي لاعب مهما غلى ثمنه، فحقق أكبر صفقة في تاريخ الانتقالات السعودية (محمد السهلاوي بـ35 مليون ريال) وكانت صفقة موفقة جداً، إذ إن السهلاوي بات المهاجم الأول في النصر برغم عودة سعد الحارثي كما بات أحد مهاجمي المنتخب.
وكان الأمير فيصل بن تركي على قدر المسؤولية فيما يتعلق بالصرف المالي، فحين تسلم النادي كان العجز المقدر 38 مليون ريال، وعزم على إيجاد موارد مالية لرصد ميزانية تصل إلى 120 مليون ريال (مصروفات النادي قبل ذلك كانت 92 مليوناً) وقد تبرع بـ20 مليوناً من جيبه الخاص، علماً بأن قيمة الصفقات الخارجية والمحلية قدرت بـ88 مليون ريال (كان صرح لمحطة CNN العربية بأن ميزانية التعاقدات 95 مليوناً وبأن النصر سيكون برشلونة الشرق الأوسط).
وفي خضم الموسم الجديد تبرز الأزمة المالية في وقت تنتظر فيه النادي مستحقات عديدة كتأخر رواتب اللاعبين والعاملين تتراوح بين خمسة أشهر وثمانية (عمل رئيس النادي على دفع جزء منها قبل عيد الفطر) إضافة إلى مستحقات متأخرة للاعبين حسام غالي وباسكال.
والرئيس الآن أمام المحك، فالوضع المالي رمى بثقله على الوضع الإداري، خصوصاً أن اثنين من أبرز عناصر إدارة الأمير فيصل بن تركي، وهما نائب الرئيس عامر السلهام ومدير الجهاز الفني سليمان القريني، وضعا الرئيس أمام خيارات صعبة وكأنهما يحاصرانه من الداخل، حين وضعا "شروطاً" ثلاثة صعبة: الاستقالة الجماعية للإتيان بإدارة جديدة تحمل القضايا المالية، أو قبول استقالتهما وتعيين بديلين أوتوفير مبلغ 15 مليون ريال لحل المشاكل كافة.
أزمة النصر هذه أو بالحري أزمة الرئيس، تعيدنا على المعضلة الأساسية التي تحاول الكرة السعودية الخلاص منها بشتى الطرق والوسائل التي لم تثبت فعاليتها بعد، فبالرغم من كل أوجه الاستثمار والدعم الكبير من الرعاة، وما تقوم به هيئة دوري المحترفين فإن الأزمة المالية لا تفارق الأندية السعودية.
ويتطلب الأمر باستمرار رئيساً يبقى يتنفس حتى تحت الماء، ولكن الواقع أثبت أن الرئيس إن كان الممول الأوحد، لابد أن تنقطع سيولته، ليأتي رئيس جديد بنفس جديد ما يلبث أن يلهث بدوره فينسحب قبل أن ينقطع نفسه، وهنا لا ندري إن كان الأمير فيصل بن تركي يتمتع بقوة الرئيس الخارق ليكمل مشوار السنوات الأربع.
وضع الفريق الفني والجماهيري يساعد على الصمود، وإن كانت نتائج الشهر الأول من دوري زين غير مشجعة كثيراً خصوصاً بعد التعادلين اللذين أعقبا النصرين، ولكننا ما زلنا في البداية، وحل المشاكل المالية بسرعة وعدم تطورها لتنعكس سلباً على الوضع الإداري، هو السبيل للحيلولة دون خسارة جهود وإمكانيات الرئيس المتحمس الصادق في تحقيق شعار إعادة النصر إلى المنصات.