(مولعة المدرجات مولعة)
أعتقد أن كل المؤشرات تشير إلى حضور تاريخي في عمر الدوري السعودي الذي سجل في جولته الأولى حضوراً فاق الـ164 ألف مشجع، وهو ما يعادل ما نسبته 20% تقريباً من مجموع الحضور الجماهيري في دوري الموسم المنصرم الذي تصدّره بطل الدوري النصر بأكثر من 400 ألف مشجع.
بدأها جمهور الاتحاد في ملعب مدينة الملك عبدالله بجدة بحدود 59 ألف مشجع، وهو ما أثار غيرة جيرانهم الذي توافدوا على المدرجات ذاتها بعدها بيومين مسجلين 58 ألف مشجع.
قبل أسبوعين تقريباً أعلن الدكتور عبدالرزاق أبو داود عضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم، ورئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية ـ التي تم استحداثها قريباً ـ لوسائل الإعلام في جدة عن إطلاق "اتحاد الكرة" جائزة جديدة لأفضل لاعب في الموسم، وكذلك جائزتين إضافيتين.
مبادرة جيدة، وكنت أتمنى أن يعقب هذا الإعلان جائزة تخص الجماهير الرياضية بحيث تضع اللجنة معايير لهذه الجائزة إضافة إلى جائزة مالية مجزية تصل إلى مليون ريال مثلاً يتحصل عليها النادي الذي تنجح جماهيره في تحقيق هذه المعايير، إذ أن جائزة مثل هذه من شأنها أن توفر طريقة محترفة تُمكّن الجماهير من دعم خزانة ناديها بشكل مميز وبمبلغ يستحق.
أفترض مثلاً أن المعايير تتلخص في عدد الحضور أولاً، والمؤازرة ثانياً، وكذلك الابتكار في طريقة التشجيع، إضافة إلى الالتزام بالروح الرياضية وعدم الخروج عن النص، وإمكانية بحث معايير أخرى تسهم بشكل أو بآخر في إحداث تنافس في مدرجات الجماهير الرياضية التي لا تجد الاهتمام ذاته الذي تجده أطراف المنظومة الرياضية الأخرى، أو بمعنى آخر يجدون تجاهلاً تاماً على الرغم من حاجة المشهد الرياضي لتواجدهم بوصفهم "ملح الرياضة السعودية".
ولعل ما حدث الموسم الجاري في أكثر من مناسبة تخص إحصاء الجماهير يفرض علينا الإسراع في إنهاء هذا الملف بشكل عاجل من الآن عبر إنجاز مشروع البوابات الإلكترونية التي تسمح بالتذاكر الإلكترونية، وبالتالي ضمان إحصاء الأعداد الصحيحة فضلاً عن تقديم خدمة مميزة للجماهير، وكذلك ترشيد في تكاليف تشغيل المباريات.
الحديث خلال الأيام الماضية حول ملعب مدينة الملك عبدالله بجدة يثبت أن "أرامكو" التي نجحت في بناء الملعب في وقت قياسي هي ذاتها التي فشلت في تقديم أرضية ملعب تتوازى مع جمالية المكان، وهي كذلك التي فشلت في إدارة الحشود، بدليل إدارة مواجهتيّ الاتحاد والأهلي التي لم تخلو من مشكلات تحمّلتها بشكل كامل جماهيرياً وإعلامياً شركة "صلة" التي وُضعت في وجه المدفع، وهو ما يدفع المسؤولين إلى إعادة النظر في تعامل "أرامكو" مع الملعب، والذي يشير إلى وجود رغبة كاملة في التملك من دون سابق تجربة أو خبرة.
إجمالاً المدرجات بدأت تعود إلى سيرتها الأولى من الحضور والمؤازرة، وأعتقد أن كل ما تحتاجه هذه المدرجات القليل من الالتفاف والتسهيلات، وحينها ستكون مدرجاتنا أجمل وأكمل وأفضل لأنها ستشهد تواجد جماهير "لا تتفرّج" فقط بل ستشعل المدرجات حماسة وإثارة، وستكون المدرجات "مولعة" مثلما قدّموها جماهير الغربية في ملعب مدينة الملك عبدالله بجدة.