2014-01-19 | 07:45 مقالات

دروس (الثمانيني)

مشاركة الخبر      

قبل عامين، كرّمت الأمم المتحدة رجلاً إفريقياً نجح في الحصول على شهادة المرحلة الثالثة الإبتدائية في سن الـ83، كان قصته لاتخلو من إلهام ورغبة في التطوير حتى وهو في المنعطف الأخير عمرياً، لدينا نادي الاتحاد بلغ من الحب عتيّاً، وأراد أن يُصدّر ثقافة رياضية متقدمة وتحديداً في حراكه الإداري، البداية كانت من المناظرة التي شهدها المشهد الاتحادي الخميس الماضي والتي وصفها بالامتياز الجديد الذي يضاف للنادي "الثمانيني".

فكرة وجود 5 مرشحين لرئاسة النادي على طاولة واحدة والكل يشرح برنامجه وخططه وتوجهاته المستقبلية لأعضاء الشرف مرحلة متقدمة جداً سنّها الاتحاد، وربما أنها ستنتقل إلى أروقة الأندية الأخرى لأنها تعكس وعياً نحتاجه كثيراً في رياضتنا.

هنا أتوقف أمام إشكالية أرى أنها تسهم بشكل أو بآخر في عدم التفاعل مع المتغيرات المتسارعة في مفهوم كرة القدم المحترف، وتحديداً في عملية التصويت التي ستتم اليوم في مقر النادي، إذ يلوح في الأفق أن العدد الذي سيسمح له بالتصويت ومستوفي الشروط لا يتجاوز الـ200 وربما أقل من ذلك بكثير، وهو رقم لا يعكس بأي حال من الأحوال جماهيرية النادي الكبيرة، في تكرار لآخر تجربة انتخابات اتحادية التي شهدت تواجد 83 صوتاً فقط.

بُحّت أصواتنا ونحن ننادي بأهمية تطوير عمل الجمعيات العمومية في الأندية، وهي التي لم تشهد تغييراً ربما من 4 عقود، ولم تزل على الجمود ذاته التي كانت عليه، كما أن الإصرار على مفهوم عدم إشراك المدرج الكبير في اختيار من يأتمنونه على رئاسة ناديهم يُضعف من عمل أية إدارة كانت.

هذه الخطوة ستسهم في جملة فوائد منها المادي نظير الإيرادات المالية الكبيرة المتحققة من إشتراكات العضوية وتجديدها سنوياً، كما أنها ستضمن وجود محاسبة مستمرة لمجلس إدارة النادي وفق النظام ما يفرض على عملهم رقابة جماهيرية وشرفية دائمة، وكذلك توفير بيئة صحية لعمل الإدارات في ظل فوزهم بالأغلبية، وبالتالي ضعف موقف المعارضة التي سيتلاشى تأثيرها كثيراً، وسيغيب صوت نقدها وسط الزحام.

المشهد الاتحادي اليوم سيكون على صفيح ساخن، وصراع الاستقطابات سيكون حاضراً بقوة بين المرشحين البلوي وكعكي تحديداً لكن كل ما أخشاه أن تسقط الكثير من الأقنعة بعد فوز أحدهما مباشرة، واكتشاف أن جملة من الشعارات التي تم ترديدها في المناظرة حول أن مستقبل الاتحاد هو الأولوية ستذهب مع الريح.

ولعل التأكيد على أن مستقبل الأندية يجب ألا يبقى على فئة محصورة تمارس وصاية بغيضة في اختيار من تريده من دون الأخذ في الاعتبار جماهيرية النادي الكبيرة المغيبة في جميع الأندية، لأن الجماهير هم أساس أنديتها، وهم وقودها الفاعل، والوقت مناسب لإشراكهم بشكل حقيقي وفاعل في صناعة مستقبل ناديهم، بدلاً من الإصرار على أن دورهم لايتجاوز الحضور في المدرجات والمؤازرة فقط.

هذه الجماهير باتت ترى وتسمع وتقارن وكذلك تدفع من مالها وصحتها وجهدها الكثير، وسيكون تحوّلاً تاريخياً أن يتم توسيع دائرة القرار لتشملهم لأنهم الشريحة الأكبر، وسيشعرون أن مسؤوليتهم تتضاعف وأن دورهم مؤثر ولذلك مهم أن تذهب أصواتهم للقوي الأمين، المهم أن تعود الأندية إلى جماهيرها التي يحبونها فقط وليس من يحبون أنفسهم فقط، وتحقيق هذا الحب عن طريق كرسي رئاسة الأندية.