2013-12-21 | 07:31 مقالات

كرة القدم وإشغال المسلمين

مشاركة الخبر      

عندما كنا صغاراً سمعنا كثيراً خطابات عدة تصف كرة القدم بأنها صنيعة الأعداء لتلهينا عن الدين، وأن الهدف الرئيسي منها إشغال المسلمين، كبرنا واكتشفنا أن ذلك غير صحيح البتة، وأن هؤلاء ممن نرمي التهم عليهم جزافاً يحتضنون اللاعبين المسلمين، ويتعاملون معهم بعدالة، ولايجدون أية عنصرية أو تعاملاً متطرفاً، حتى الجماهير المسلمة وجدت احتراماً ربما لم تجده في ملاعب بلدانها، كما أن ملاعبهم في ازدياد جماهيري، ونحن ملاعبنا خاوية، فمن أشغل من؟

المفارقة العجيبة أن جملة من الملاعب لايتوفر فيها أماكن مجهزة للصلاة في حين أن هذا الأمر متوفر في ملاعب ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ وليفربول ومانشستر سيتي وغيرهم.

هم بالتأكيد بشر لديهم أخطاؤهم، وبيننا وبينهم خلافات عقدية كبيرة لاسبيل لإيجاد نقطة وسط نقف عليها سوياً، لكن هذا لا يمنع من الإحسان إليهم، وعدم ظلمهم، والتعامل معهم بالتي هي أحسن، قدوتنا في ذلك نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلاقته بجاره اليهودي، وتعامله باللين مع المشركين.

أعتقد أننا كنا ولازلنا لاننظر إلى كرة القدم على أنها وسيلة من أهم وسائل الدعوة، وتحسين الصورة الذهنية عن بلادنا، وما يؤسفني أن أحد اللاعبين الأفارقة ممن سبق له الاحتراف في السعودية قبل مواسم قريبة اعتنق الإسلام هنا وبعدها بفترة بسيطة تعرض لمرض شديد دفع ناديه لإلغاء عقده، وهذا أمر مبرر لكن تركه في المستشفى لعدة أسابيع من دون زيارة أو سؤال لم يكن من الإسلام في شيء، ما دفعه إلى العودة إلى بلاده بجرحٍ غائر وانكسار وذكرى سيئة.

لاعب آخر من أمريكا اللاتينية تواجد في ملاعبنا قبل فترة قصيرة جداً التقاه أحد الدعاة ممن يجيدون اللغة الإسبانية، وبعد اجتماعات عدة استحسن فكرة الدخول في الإسلام، وطلب المزيد من الوقت للتفكير لكن مماطلة إدارة ناديه في دفع مستحقاته غيّرت موقفه، وغادر وهو يتهمنا بعدم الوفاء بالوعود والكذب.

مشروع "هدية رياضي" الذي يقدمه المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في البطحاء وهو برنامج توعوي يتواصل مع الرياضيين غير المسلمين الذين يتواجدون في السعودية للمشاركة في المسابقات الرياضية المختلفة من أجل تقديم هدية تراثية تحوي شيئا من التراث المحلي، وتضم بعضاً من الكتب النافعة بلغاتهم، أرى أنه نجح في تفعيل الدعوة بطريقة مبتكرة وغير مباشرة، لذا يستحق الدعم والإنصاف.

أخيراً الرياضة بإمكانها أن تحقق ما تعجز عنه جملة من الحملات الدعوية المباشرة التي فيها خير كثير، ووجود النجوم في الرياضة يسهم في تسهيل مهمتهم، وزيادة مستوى التأثير على محبيهم وجمهورهم، لذا نحتاج أن نكون أكثر واقعية ونفكر بطريقة لا إنغلاق فيها، وحينها سننتج.