(منتخب نقل جماعي)
"الخصوصية الكروية" هذه العبارة التي أبقتنا حيث نقف، وربما ستعيدنا خطوات إلى الوراء، وأوصلتنا إلى مرتبة تفوق الـ 100 في تصنيف منتخبات العالم، مصادقاً على عدم صحة هذا الادعاء، إذ أن كرة القدم أصبحت صناعة على مستوى العالم، ونحن لسنا بمنأى عن ذلك، إلا في جزئيتين مرفوضتين مسبقاً وهما المراهنات وإعلانات المشروبات الروحية فقط، وخلاف ذلك تبقى كرة قدم سواء في هافانا أو في المزاحمية. أتساءل مثل غيري: لماذا المنتخب السعودي الأول يضم أكبر عدد موجود من اللاعبين الدوليين، حتى بات مسمى "لاعب دولي" لا يختلف عن سواه، ولا يحظى بالتقدير الفني والاجتماعي الكبير الذي يستحقه، لأنه وبكل بساطة "أرخصوه".. ربما يرى البعض أن هذه إيجابية تنفرد بها الكرة السعودية على نظيراتها، لكن الحقيقة أنها من مساوئها التي أضرت بالكثير من الأسماء الشابة التي تواجدت في معسكرات 'الأخضر' المتعاقبة لكنها سرعان ما تعود أدراجها تشعر بالانكسار النفسي لعدم القدرة على الاستمرار في صفوف المنتخب حتى النهاية، وقائمة الأسماء التي تعزز وجود مثل هذه الحقيقة معروفة لدى المتابعين، ولا يتسع المجال لذكرها حتى بات المنتخب شبيها بحافلة النقل الجماعي الذي يحمل في طريقه كل من يود الوصول إلى هدفه، وأحياناً يوصله فقط إلى منتصف الطريق ويتركه. أفترض أن تتميز قائمة المنتخب السعودي بالاستقرار على أن تكون آلية الضم والإبعاد للاعبين ذات منهجية واضحة بعيدة عن بروز أي لاعب لعدد قليل من المواجهات، إذ أن تأثير أي لاعب على تحديد نتيجة مواجهة حاسمة لا يعني بالضرورة وصوله إلى المرحلة التي تؤهله إلى الانضمام للمنتخب، ولذلك بات لزاماً أن يعرف الجمهور السعودي قائمة منتخبه الأول مبكراً، وعلى مدى طويل بدلاً من آلية التغيير المستمر التي جعلت 'الأخضر' بلا هوية ومنحت تصوراً لدى اللاعبين السعوديين أن إمكانية الانضمام له لا تستلزم إظهار مستوى بارز على فترة طويلة، حيث استمرار المستويات المميزة للاعبين على مدى عدة جولات لم يعد مقياساً لدى المدربين الذين يتعاقبون على المنتخب بل إن البروز في مواجهتين هامتين قد يكون تذكرة عبور إلى قائمة 'الأخضر' المختارة، والغريب في الوضع أنه يحدث مع أغلب المدربين الذين يتسلمون مهمة تدريب المنتخب، في مؤشر غريب يعطي دلالة على سرعة اكتساب هؤلاء المدربين لثقافتنا الرياضية القائمة على جملة أخطاء في تحديد أهدافنا المستقبلية والواقع الحالي يسند مثل هذا الرأي بزعمي. إجمالاً لن أردد مثل غيري على أهمية ضم اللاعب الفلاني واستبعاد آخر، لكنني أجزم أن من حق المشاهد الكروي العادي أن يعرف قائمة المنتخب السعودي، في ظل أننا على مدى سنوات طويلة لم نعد نعرف القائمة المختارة الرئيسية للمواجهات إلا مع إظهارها على شاشة المباراة في إشارة فعلية أننا لدينا خلل كبير يسير بنا إلى الهبوط المخيف الذي يحتاج "خطة إنقاذ" حقيقية قابلة للتنفيذ.