التعصب الرياضي
ناقشت "ديوانية الشباب والرياضة" المنبثقة من الغرفة التجارية والصناعية بجدة مساء الأربعاء الماضي على مدى ساعتين عبر برنامجها الشهري الذي يبث على الهواء مباشرة من القناة الرياضية السعودية قضية "التعصب الرياضي" بمشاركة مركزالملك عبدالعزيز للحوار الوطني ممثلا بالأمين العام المساعد إبراهيم العسيري ولجنة المسؤولية الاجتماعية في الاتحاد السعودي لكرة القدم ممثلة برئيسها الدكتورعبدالرزاق أبوداود. وقد كان لي شرف المشاركة في هذا الملتقى الذي تواجد فيه أيضا الدكتورراشد بن زومة رئيس مجلس إدارة الديوانية وعدالله الغامدي رئيس لجنة الاستثمار الرياضي في غرفة جدة.
قلت في بدايته:
إن التعصب الرياضي أصبح موضوع من لاموضوع له وهذه حقيقة فالكل صاريطرح الموضوع خاصة في السنوات الأخيرة ويستضيف من يناقشه من مهرجانات وطنية وأكاديميات وجامعات واتحادات ومدارس حتى بعض المنتديات النسائية دون ضبط لهذه الطروحات، وأذكرأنني قبل 20 عاما ألقيت محاضرة حول الموضوع ضمن مقررالإعلام الرياضي لطلبة البكالوريوس في كلية التربية الرياضية بجامعة الملك سعود عندما كانت قسما تابعا لكلية التربية، وطوال هذه السنوات ورغم هذا الطرح لم يتغيرشيء بل إن الأمريزداد سوءا وتعصبا لأن كل هذه المنتديات لاتلامس المشكلة أو تناقشها بصورة صحيحة، فالضيوف لايتم اختيارهم بعناية وبعضهم لايملكون ثقافة الحوار والمناقشة وبعض المنتديات تحدد للمتحدث بضع دقائق لاتكفي المقدمة لأن البعد الحقيقي وراء طرح مثل هذه المواضيع غيرمتوفرلديهم.
الجديد في "ديوانية الشباب والرياضة" أنها استضافت مركزالملك عبدالعزيز للحوارالوطني ولجنة المسؤولية الاجتماعية في اتحاد القدم والمركزبالذات يمثل أهمية كبرى في موضوع كهذا، وقد قلت عنه في اللقاء (إنه رغم أهميته غائب أومغيب عن مثل هذه الندوات).
في كل الندوات والبرامج المخصصة لمناقشة التعصب الرياضي يبرزالإعلام كمتهم رئيس في القضية ورؤساء الأندية كذلك ويرون أن الحل في فرض أقسى العقوبات بحقهم وكأن "التعصب" جريمة ارتكبها هؤلاء تنتهي بمعاقبتهم وفق القانون وهذا غيرصحيح، حتى الجرائم لاتنتهي بتطبيق القانون مالم تكن هناك معالجة للمشكلة من جذورها وهي معالجة لن تتم أوتضع حلاجذريا لها مالم يتم تجفيف منابعها.
وجود مركزالملك عبدالعزيز للحوارالوطني مهم لارتباطه المباشربقضية كهذه، ولأن هذا أحد أهدافه أوتوجهاته في قضية أرى أن الحوارعامل مهم في وضع بعض حلولها إلى جانب الدراسات الميدانية وهي جزء من عمله والتي تحدد أسس المشكلة وتضع لها الحل بالتنسيق مع جهات ذات علاقة كالإعلام ورعاية الشباب والأندية ووزارة التربية والتعليم، والأخيرة في نظري تقع عليها مسؤولية كبرى في هذا الجانب لأنها تتعلق بالنشء وتربيتهم وبنائهم فكريا وعقديا، فالطفل ثم الشاب حتى يتجاوزمرحلة الرشد يقضي بين جنباتها أكثرما يقضيه مع والديه خاصة في المراحل الأخطر من حياته وذلك من ناحيتين:
ـ إعادة النظرفي طريقة إعداد المعلم وتأهيله، إذ إن كثيرا من المعلمين ينظرلهذه المهنة على أنها وظيفة ولايتجاوزمجرد تفريغ المعلومات دون إدراك للمنهج الخفي ولدوره التربوي قبل التعليمي.
ـ الاهتمام بمقررالتربية الوطنية ومحتواه ومعلمه كمقرريؤسس لثقافة وطنية حقيقية بكل ما تحمله من معاني الولاء والحرص على مكتسبات الوطن ووحدته.
الحديث عن التعصب الرياضي والتعامل مع المتعصب يطول، وقد أعود له مرة أخرى، والقضية ليست اتهامات وندوات وطروحات تنتهي باتتهاء الندوة أوالبرنامج أوبحفظ التوصيات والملفات إن وجدت بقدرماهي ترجمة لهذا كله والعمل على تنفيذه. والله من وراء القصد.