تقاطعات
تعيدني ردّات فعل جماهير كرة القدم إلى حصّة الـ(تعبير)! فيما يمسك المعلم بمنتصف الطبشور ويكتب العنوان, ثم يقول: اكتب, يقف ثم يسير, ثم يفرح بأحد! ويحزن بآخر, ليس كافة التلاميذ بخيال رحب, ليسوا أيضا الـ فكرة! فقط أحاول أن أبدأ المقال معك لأصل ما يقال, ما نعبّر ونفرح ولا نفصل هذه وتلك, ولكنه الجمهور يذهب لحب اللون, وتأتي عاطفته مكعّبة فيما يوحّد الرّقعة, قلت: قبل عشرين عاما كانت الجماهير الأهلاوية والاتحادية “وكمثال” تتبادل نفس لغة التعبير عن الفرح والخسارة وتنتهج ذات الطريقة التي هي الآن من قدح ومدح, هم أيضا في برشلونة وريال مدريد يرتكبون نفس حالة التفريغ, ما يعني أن القاعدة: (التقليل المتبادل)! وقس عليه من طرف لآخر من خلال اللغة المستخدمة, وأساليب المشجّع في أن يأتي الفرح تشفيّاً فيما الخاسر يلجأ لذات القاموس من الألفاظ, ما قد يؤدي للاحتقان بل أن تخرج الكرة من أرض الملعب لتقف على منزل الجيران.
هل بديهيات العاطفة, أم تراكمات ما بكى الطفل وتعرض له من إغواء فيشجع هذا ويترك هذا ولو من خلال قطعة الحلوى؟ ولكنه (لا يعبرّ بشكل جيد), قلت: ليس كافة التلاميذ بخيال رحب, وليسوا في أغلبهم الفكرة, ولكنّهم المهذب وأكمل: جاء جيل العشرين عاماً الآن لا يعبر في السياق الأجمل, فهو يتحدث وفق الوصايا, ويحمل نفس الدرجة من السخرية إن لم تكن زادت, ويتشفى, ويدافع, ويكشف حساب الأخطاء, ويقذف التاريخ بالفوارغ ولكنه لا يفرح, أو لم يتعلم في حصّة التعبير بما يكفي, هل الأندية - الكبيرة - من هنا إلى هناك, تعلم الاعتقاد الخاطئ لكيف يعبّر الطفل؟ أم لم يتعلّم كيف أن عليه استخدام لغة مهذّبة تكبر معه, ويجيد معرفة تقاطعاتها ومتى تصطدم مع آخر؟!
قد تختلف معي (فيما لا أقول الفكرة بالمطلق فهناك من يفرح برقي ويعبّر بثراء وأدب جمّين )! ولكن الكثير مما قرأت بعد مباراة الأهلي والاتحاد: لم أجد (التلاميذ) ولا الخيال الرحب ولا الفكرة, كان الفرح شتّاما والهزيمة شتّامة! كأنما تطورت حدّة التقليل ولم يتطور الوعي, ليس هذا انتقاصاً من أحد فقد قلت العاطفة, واللون والاعتقاد, وتبرير ما هنا من أجل هناك, ولكّني أحاول أن أجد السبب, تلك الفكرة المهذّبة, ذلك الطفل الذي يعبّر ويكبر, ويفصل بين فرحه وحزن الآخر دون أن يلعن أو يقبح, أن يقلل, أن يذّكر ولو بالاعتقاد بما كان وكانوا, فاللحظة الانتصار وليست أمس, هي أيضا ما يفرح بأحد ويحزن بآخر فيما يمسك المعلم بمنتصف الطبشور: اكتب.
التقليل المتبادل ليس أن تفرح, هو أيضا ليس أن لا تأتي المهذّب, ولا أن تجيد صياغة رسالة شكر ما لناديك, ولا وفق تقزيم آخر, فيما لا تعلم عن - فكرة ماعليك التعبيرعنه - ذلك, الذي عنواناً يضعه المعلم في السبور ثم يلتفت إليك قائلاً: ابدأ! ماذا لو كتب الطفل شتيمة في أعلى الورقة؟ لم تكن لتفعل – كناتج - للخوف؟ وبالتالي لا تفعل كناتج للوعي وبدون ذات السبب الخوف.. كيف نُعّبر - يطول شرح أمرها - ياصديقي.. ولكنّها على الأقل ليست قذف الفوارغ على آخر لـ نفرح.. إلى اللقاء.