الوزير وصياغة الرياضة
اللقاء الذي عقده وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل قبل أيام بحضور الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبدالله بن مساعد وأيضا بحضور رؤساء الاتحادات وعدد من الإعلاميين تحت عنوان .. الرياضة في التعليم .. يعتبر خطوة إيجابية نحو تفعيل طرق التعاون الحاصل بين الرئاسة والاتحادات الرياضية ووزارة التعليم ونقطة انطلاقة للتفكير في إعادة صياغة المناهج والبرامج والأنشطة الرياضية في وزارة التعليم والرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحادات الرياضية.
ـ فالمناهج والبرامج والأنشطة الطلابية والشبابية التي تقدم (في الوقت الحالي) في وزارة التعليم وفي الرئاسة العامة لرعاية الشباب تحتاج إلى تطوير .. بل إعادة صياغة .. حتى تعود بالنفع على الطلاب والشباب في وطننا الغالي... لا سيما وأن الوضع الحاصل الآن في منهج الرياضة المدرسية وبرامج رعاية الشباب دون المستوى المأمول والطموحات. بدليل .. انتشار أمراض السمنة في طلاب المدارس حيث كشفت دراسة أجريت في المملكة العربية السعودية على طلاب المدارس أن هناك 10 في المائة من أطفال المدارس مصابون بالسمنة نتيجة لقلة الحركة.. وكذلك تراجع نتائج منتخباتنا وراضيينا في السنوات الأخيرة.
ـ أعتقد أن الخطوة الصحيحة لتصحيح الرياضة لدينا بشكل عام هي القيام بعملية التقييم الشامل ودراسة متعمقة لظروف بيئة الرياضة المدرسية وأيضا بيئة الرياضة التنافسية... ومن ثم وضع رؤية فلسفية تهدف لتحقيق هدفين أساسيين .. الأول .. تعزيز الصحة لدى الشباب من خلال ممارسة الأنشطة البدنية وزيادة المشاركة الرياضية في أوقات الفراغ. ... والهدف الثاني .. تحقيق التميز في الأداء والوصول إلى المستويات العالمية في الرياضات التنافسية.
ـ ولتحقيق هاتين الغايتين يجب (أولا) تحديد الهدف الحقيقي لمنهج التربية البدنية .. بدلا من تركه عائما بين المطالبة بتحقيق النواحي الصحية لدى كافة الأطفال الصغار والشباب (طلاب المدارس). والمطالبة بإعداد أبطال أولمبيين ولاعبين دوليين في المنتخبات السعودية؟.. فهذه الضبابية هي من تسببت في حدوث نوع من القصور في منهج التربية البدنية الذي نتج عنه انتشار أمراض السكر والسمنة لدى الأطفال الصغار من جهة وأيضا في تدهور نتائج ألعابنا ورياضتنا من جهة أخرى.
ـ فتحقيق اللياقة البدنية المرتبطة بالصحة لدى الصغار والشباب (طلاب المدارس) يحتاج منهجا مستقلا وخطوات وطرق وأساليب تختلف عن إعداد الرياضيين الأبطال الذين أصبح إعدادهم أشبه بما يكون صناعة... بما أن الرياضة انتقلت من مجرد هواية للترويح عن النفس والتمتع ببنية جسمية سليمة إلى قطاع احترافي قائم بذاته، فتحولت هواية الأمس إلى صناعة اليوم والمستقبل.
ـ فهذان الهدفان لا يمكن أن يتم تحقيقهما بمنهج واحد... بسبب صعوبة وتعارض التنفيذ .. فالحصول على طلاب متمتعين باللياقة البدنية المرتبطة بالصحة يحتاج إلى منهج مصمم يحقق هذا الغرض ينفذ في المدارس والمعاهد والجامعات... والحصول على أبطال أولمبيين ولاعبين دوليين في المنتخبات السعودية يحتاج إلى منهج ينفذ عبر الأكاديميات والمراكز والمدارس الرياضية المتخصصة.
ـ أعتقد اليوم أن زمن التخطيط العشوائي والاجتهادات انتهى وأصبح الإنجاز الأولمبي أو القاري أو الدولي في عصر الاحتراف الذي نعيشه الآن يتطلب إعدادا قويا في أكاديميات متخصصة أو مراكز رياضية يتدرب ويبنى فيها اللاعب طوال اليوم وهذا لا يمكن أن يتحقق في الرياضة المدرسية بحكم عدد حصص الرياضة في المدارس التي لا تتعدى حصتين في المرحلة الابتدائية وحصة واحدة في المرحلتين المتوسطة والثانوية... ولا يمكن أن نعدل منهج الرياضة المدرسية لكي يصنع لنا الأبطال الرياضيين الذين لا يمكن أن تتجاوز نسبة عددهم 1٪ أو 2٪ من عدد الطلاب في المدارس.
ـ لذا أتمنى من وزير التعليم تركيز جهوده على الاهتمام بمنهج الرياضة المدرسية ليحقق اللياقة البدنية المرتبطة بالصحة لدى كافة الأطفال الصغار وشباب الوطن .. وتقديم الدعم المعنوي والمادي الكبيرين لتفعيل وإقامة النشاط الرياضي (عن طريق بطولات ومسابقات الاتحاد السعودي للرياضة المدرسية الذي تم إنشاؤه مؤخرا) في كافة الألعاب الرياضية ليكون أحد المنابع التي نتكشف منها اللاعبين والرياضيين وتقديمهم للأكاديميات والمراكز ومدارس الأندية لتتولى تطوير مهارتهم وصنعهم أبطالا يمتلكون القدرات والمهارات التي تمكنهم من تحقيق الإنجاز الرياضي في المستويين القاري والدولي بشكل شبه مضمون.