حرب الكرة .. ونموذج هنري
المشاكل الإعلامية والجماهيرية والخلافات السياسية التي صاحبت مباراة المنتخبين المصري والجزائري في تنافسهما على بطاقة (التأهل لمونديال جنوب إفريقيا 2010م) أعادت للأذهان قصة (حرب الكرة) والتي حدثت في عام 1969م.
ـ قصة حرب الكرة تعود لمباراة كرة قدم (بين هندوراس والسلفادور) في مواجهة حاسمة لتحديد الفريق الذي سوف يتأهل إلى المباراة النهائية في تصفيات بطولة كأس العالم لكرة القدم (لعام 1970م) حيث احتكم منتخبا هذين البلدين إلى مباراة فاصلة بينهما على ملعب (أزتيكا) في العاصمة المكسيكية.. فازت فيها السلفادور 3ـ2 في الوقت الإضافي فصعدت إلى الدور النهائي للتصفيات.. وعلى أثرها ثار غضب الجمهور الهندوراسي في الشوارع حيث خرج الآلاف.. وراحوا يعتدون على السلفادوريين المقيمين عندهم.. وتطورت الأمور إلى مهاجمة أحياء يقيم فيها السلفادوريون ممن اضطر معظمهم للفرار إلى بلادهم تاركين ممتلكاتهم وبيوتهم.. فكان لا بد للحرب من أن تقع، وبدأ القتال برا وجوا في 14 يوليو من ذلك العام، وانتشرت القوات البرية للجيشين على طول الحدود.. وبدأ القصف المدفعي عشوائياً من الطرفين نتج عنه قتل مئات المدنيين، ولم تنتهِ (حرب الأيام الأربعة) بين الجارتين اللدودتين إلا بعد وساطات وتدخل دول أخرى.. والنتيجة راحت كل منهما تلملم أشلاءها وتعيد دراسة ما حدث.. وكانت هذه الحرب درساً قاسياً تعلمته ووسائل إعلامها.
ـ وهذا الأمر الهام الذي يجب أن يدركه الإعلام المصري والجزائري فهو يتحمل مسئولية كبيرة فيما حدث.. بسبب تعامله (غير الجيد) مع وقائع مباراتهما وتصعيد أحداثها.. ولم ينظر للقائهما على أنه مباراة كرة قدم تتجلى فيها معاني الروح الرياضية ومبادئ التنافس الرياضي الشريف.. بل كان تعامله مع هذه المباراة وكأنها (معركة حربية) مما ساهم ذلك في إثارة وشحن الجماهير وتأجيجها.
ـ حقيقة إعلام هذين البلدين ساهم في خروج الرياضة عن معانيها وأهدافها ونقلها إلى الأبعاد والأمور السياسية، في هذا الوقت الذي نحن فيه كعرب في أمس الحاجة إلى تقارب أي بلدين عربيين وتماسكهما مع بقية الدول العربية في سبيل المحافظة على الوحدة والصف العربي.
ـ أعتقد أن ما حدث بين البلدين (مصر والجزائر) ما هو إلا انعكاس لضعف الثقافة الرياضية في الوطن العربي.. خاصة وأن كرة القدم بمفهومها الحديث ما هي إلا (لغة) تعبر عن ثقافة الشعوب ومستوى تحضرها ومدى تطورها.. وأيضا (وسيلة) للتقارب وتقوية العلاقات وأواصر المحبة.
ـ ولعل ما حدث في مباراة المنتخب الأيرلندي أمام نظيره الفرنسي (الأخيرة) في إياب الملحق الأوروبي الفاصل المؤهل لنهائيات كأس العالم (المقبلة) والذي تأهل فيه الفرنسيون بهدف (غير صحيح) اعترف فيه (هنري) بلعبه للكرة بيده.. نموذج وعبرة للأشقاء الجزائريين والمصريين، فهل يتعلمون ويستفيدون منه؟.. هذا ما أتمناه.. وحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور.. وكل عام وأنتم بخير.