2009-12-16 | 18:00 مقالات

مجالسنا ولغة الحوار

مشاركة الخبر      

يشتهر العرب من بين شعوب العالم بأنهم الأكثر عشقاً للمجالس الجماعية التي يتم خلالها تجاذب أطراف الحديث حول شتى جوانب الحياة اليومية.
ـ من خلال هذه المجالس يكتسب الكثيرون المعلومة والثقافة متى كان المجال مفتوحاً لذوي الخبرة في الحديث، وهو ما لا يحدث بكل أسف في كثير من مجالسنا، إذ نجد (أحدهم) ينفرد بالحديث (منظراً) في كل شيء دون أن يمنح الفرصة لمن هم أكثر منه خبرة ودراية بأن يتحدثوا أو حتى أن يمنح الفرصة لأكثر عدد من الجالسين في طرح رؤاهم.
ـ والتفرد من البعض بالحديث وفرض الشخصية داخل مجالسنا العربية ليست السلبية الوحيدة لهذه المجالس، إذ هناك سلبية أعظم وهي فن الحوار المتمثل في احترام مبدأ الرأي والرأي الآخر، حيث نكاد نكون أكثر شعوب العالم ترديداً لهذه المقولة ونحن الأبعد من تطبيقها.
ـ مع مرور الأيام تنمو هذه السلبيات مع مرتادي هذه المجالس سواء من المشاركين في الحوار أو المستمعين إليه فقط، فتنعكس هذه السلبية على شخصياتنا عندما نذهب بعيداً عن عالمنا العربي ونصبح أبعد ما نكون عن فكرة احترام الرأي الآخر، ونسعى لفرض آرائنا وكأنها حقيقة مسلم بها، ويفاجأ الآخرون بطريقة حوارنا.
ـ اليوم نعيش عالماً يختلف تماماً عن عالم الأمس.. عالم الإنترنت والقنوات الفضائية.. عالم الحوار ومن الصعب أن ننجح اليوم أو غداً في فرض أفكارنا ما لم نكن ملمين بحقيقة مفهوم الحوار الصحي الإيجابي المعتمد على أدب الحديث أولاً وقوة الحجة والإقناع ثانياً.
ـ الحوار فن في غالبه مكتسب وفي جزء منه موهبة.. الموهبة إذا وجدت تحتاج لبعض الصقل والتوجيه كي يصبح ذلك الموهوب مبدعاً في عالم الحوار.
ـ مجالسنا اليوم تختلف عن مجالس الأمس.. في مجالس الأمس لم تكن فرصة الحديث متاحة سوى لكبار السن، بينما اليوم نتيجة لثقافتنا وشهادتنا العلمية أصبحنا نمنح الفرصة لصغار السن كي يتحدثوا ويعلقوا ويبدوا وجهات نظرهم.
ـ إلى جانب المجالس الخاصة نحتاج لدور أكبر في قطاعات التعليم من خلال دروس متخصصة في فن الحوار خصوصاً في المراحل التعليمية المبتدئة، حيث يكون الطفل مهيئاً لتقبل أي توجيه.
ـ على المدارس أن تمنح وقتاً كافياً لتعليم فن الحوار وإدارته، فهذا يبني في أطفالنا شخصيات قوية تساعدهم على حضور أقوى في المستقبل لهم ولوطنهم.