العيد في أرض الثلج
قبل العيد بليلة ذهبت إلى أبناء عمومتي في القصيم للاحتفال معهم، وكانوا قد جهزوا "شاليه" للإفطار في آخر يوم من رمضان المبارك، ومشاهدة مباراة افتتاح كأس العالم التي ولأول مرة في التاريخ طرفها منتخبنا الوطني..
كانت كل المؤشرات تسير في اتجاه أن منتخبنا على الأقل سيظهر بشكل مشرف بغض النظر عن النتيجة، مع أن بعضهم ارتفع لديه سقف الطموح وتوقع الفوز على البلد المستضيف، وامتدت حالة التفاؤل حتى في شوارع روسيا، من خلال تواجد جماهيري سعودي ظل ينشر الفرح بمقاطع متواترة من هناك..
في التجمع العائلي كنا نعد العدة للاحتفال لكن منتخبنا لم يمهلنا سوى ما يقارب العشر دقائق حتى تلقى الهدف الأول، وبدأت أحلامنا في التساقط وساد الوجوم على الجميع، ثم تعالت صيحات الغضب والاحتقان وهم يشاهدون أشباحًا ليست على الأرض ولا في السماء تتلقى الضربات دون أن يتحرك لها جفن أو تنتفض لها شكيمة، حتى اكتملت بالنتيجة التاريخية بالخماسية الموجعة التي أخرجت غيظ أعداء الوطن وأرادت أن تستغل الغضب الجماهيري لتوظيفه لمآرب أخرى..
بعد خسارة منتخبنا بيومين اجتمعنا بنفس العدد ولكن بعدة مختلفة لمشاهدة مباراة الأرجنتين ـ أحد المنتخبات المرشحة للظفر بالكأس ـ مع منتخب "آيسلندا"، وهي جزيرة صغيرة تقع شمال المحيط الأطلسي يبلغ عدد سكانها نحو 320 ألف نسمة، وهو عدد يماثل عدد سكان حي النسيم بالرياض، ورغم أن طقس هذه الدولة "بارد جدًّا" على اعتبار أنها تقع بمحاذاة المحيط الشمالي المتجمد، إلا أن دماء أبنائها "حارة جدًّا"؛ فقد ذادوا بكل بسالة ضد مرماهم وقاتلوا قتال الشجعان بروح عالية وهمة مرتفعة ولم يهابوا "ميسي ورفاقه"؛ فثقتهم في أنفسهم عالية وأرواحهم لا تقبل اليأس والخنوع، ورغم تقدم الأرجنتين إلا أنهم بعد دقائق نجحوا في إحراز التعادل والمحافظة عليه حتى ظفروا بنقطته..
أجزم يقينًا بأن غالبية الجماهير السعودية لا تريد تحميل لاعبينا فوق طاقتهم ولا تطلب منهم المستحيل ولا تطالبهم بالتأهل للدور الثاني أو الفوز في كل المباريات، هي تريد منهم فقط أن يلعبوا بروح عالية ويظهروا بمظهر مشرف.
الهاء الرابعة
ضرينا على روس الصعايب وحنا صغار
وعلى الوقت وظروفه وجوره تسلطنّا
نعسف الدواهي والصعيبات عسف مهار
ونـاطـى عليهن بـالـزمـن قبل يـاطـنّـا