لعلك تكون فاشلا
الفشل ليس مشكلة.. وعمره ما راح يكون مشكلة.. النجاح هو المصيبة والكارثة والطامة الكبرى.. أن تكون فاشلاً في حياتك وعملك فهذا سيحقق لك الحد الأدنى من الراحة.. صحيح أن الفشل لا يسعد ولا يبهج ولا يدخل السرور على القلوب الكسيرة، لكنه سيغنيك بكل تأكيد عن عيون تطاردك وألسنة لا تنفك من ذكرك وصداع مستمر لا يتركك في حالك..
حينما تكون في عداد الفاشلين فذاك يعني لك أولاً وللناس ثانياً أنك خارج حسابات الزمن وخارج أحلام الأيام الوردية وخارج القائمة المنتظرة.. كما أن الموت أحد الراحتين كما يقول علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فإن الفشل لا بد أن يكون الراحة الثالثة بعد اليأس.. والثالثة ثابتة ومؤكدة..!!
والفاشل مريح دماغه كما يقول المصريون وما عليه شرهة كما نقول نحن.. الفشل يفقدك لذة الانتصار وشهوة الإنجاز، لكنه يعطيك ما هو أهم بكثير.. يعطيك النوم على وسائد السكينة والاسترخاء والهدوء والطمأنينة.. حينما يعدوك من الناجحين فتبدأ أعينهم ترقب حركاتك وسكناتك وتؤول كلماتك وإيحاءاتك إلى ألف تفسير وتفسير.. تعيش تحت الضغط وكأنك جنرال بحري مقبل على حرب لا نصر فيها.. يطالبونك بالصعب والشاق والمستحيل وينسون أو يتناسون ويجهلون أو يتجاهلون أنك بشر سوي.. إذا كنت ناجحاً فأنت مطالب في كل وقت وفي كل حين بأن تواصل النجاح في كل شيء وأي شيء.. إذا كنت لاعبًا ناجحًا أو ممثلاً ناجحًا أو مطربًا ناجحًا؛ فذاك يعني فرضية نجاحك في بيتك ومع عائلتك وفي أحاديثك الإعلامية، ونجاحك أيضًا في تسوقك وتعاملك مع الناس.. لا يرتضون لك تحقيق النجاح في مجالك، ثم يتذكرون أنك تواجه ضغوطًا لا تتوقف من مطالب الحياة القصيرة.. حينما تفشل فأنت تحمل سوأة الفشل وحدك لا شريك لك.. وحينما تنجح تشاركك وجوه لا تعرفها ولم تلتقِ عيناك بأعينها ولا مرة واحدة.. ألم تسمع الرئيس الأمريكي الراحل جون كيندي عندما قال: “للنجاح ألف أب أما الفشل فهو طفل يتيم”..
إنني لا أدعوك لتكون فاشلاً من أجل أن ترتاح وحتى لو نصحتك فبالتأكيد لن تسمع نصيحتي حتى إن كنت تحب الناصحين.. لكنني فقط أهون عليك مصيبتك.. إذا وفقك الله ونجحت عليك أن تتذكر أن الفشل لا يلم حولك المبغضين والكارهين والحاسدين فستنعم بالقلوب تحاصرك بحبها واحترامها وتقديرها.. أما نجاحك فيجعل منك مرمى لتوجيه سهام الحاقدين قاتلهم الله أنى يؤفكون..
أخيراً وآخراً.. إذا كنت على قدر من تحمل تلك القلوب السوداء الجافة فحقق النجاح والتفوق والإبهار وربنا يسهل طريقك.. أما إذا كنت تريد العيش بسلام فإن طريق الفشل يا صاحبي مفروش بالورود وكثير من الدعوات والكثير من الأحبة.. واسأل مجرب..!!