هذا دليل
جديد
لا تستهويني الدراسات ولا تستوقفني الأبحاث التي تعدها الجامعات ومراكز الدراسات، خاصة حينما تذهب في اتجاهات غريبة ومفاجئة وصادمة.. هذا ليس نوعاً من أنواع رفض العلم والمعرفة بطرق حديثة، لكن أغلب الدراسات والاستفتاءات تجرى بطرق عشوائية وعلى عينات وأشخاص عشوائيين؛ فلماذا أيضاً لا تكون النتيجة هي الأخرى عشوائية؟!
وآخر هذه الدراسات التي استوقفتني قادمة من كندا، وتقول إن العمل الطويل يصيب الناس بالسكري.. وخلصت الدراسة التي استمرت 12 عاماً متواصلة وأجراها معهد العمل والصحة بمدينة تورنتو على أكثر من سبعة آلاف رجل وامرأة، وخرجت بنتائج معاكسة تماماً لكل ما يعتقده ويتصوره ويعرفه الناس ويؤمنون به، والمتمثل بأن العمل والنشاط جزءان مهمان في فلسفة وصحة البشر.. وكثير من الأطباء النفسيين ينصحون بمزاولة أكبر عدد من ساعات العمل؛ حتى لا يقع الإنسان في شراك الاكتئاب والملل من الحياة.. وأذكر أن دراسة من هذا النوع عرضتها إحدى الجامعات الأمريكية طالبت المتقاعدين بإشغال أوقاتهم بأي شيء يستهويهم، إذا لم يجدوا عملاً آخر يشغل أوقاتهم الطويلة، محذرة من أن استسلام الإنسان للوحدة والفراغ الكبير يؤدي إلى أمراض مرعبة قد تصل به إلى الانتحار.. وهذا كلام بالطبع ينطبق على عالم الغرب ولأشخاص ليس لهم هدف أو رؤية أو غاية، بعد أن يمضي قطار العمر السريع إلى مشارف المشيب.. وليت الشباب يعود يوماً!!
وحذرت الدراسة الكندية الجديدة النسوة بالذات من خطر مرض السكري وقدمت لهن باقة نصائح كان أبرزها عدم الانغماس والغرق في أمواج العمل والوظيفة لأنها شبح صامت ينقض على الإنسان بهدوء وبلا رحمة.. وذكرت الدراسة أيضاً أن السكري يؤدي إلى تلف الأعصاب والبتر وعمى وأمراض القلب والجلطات.. والأكيد أن هذه الدراسة ستبقى حبيسة الأدراج تنعم بالتجاهل والتطنيش؛ لأن ما من أحد سيقرؤها مساء ويذهب في صباح اليوم التالي ويكتب على ورقة بيضاء من غير سوء استقالته بسبب دراسة كندية، قالت إن الناس ستتعرض للإصابة بالسكري الذي يغزو أجساد ودماء أكثر من ربع العائشين على هذه الأرض.. أنت وأنا وغيرنا لن نقدم استقالتنا خوفاً من السكري.. ليس لأننا لا نخشى المرض أو أننا شجعان أكثر من اللازم، لكن فقط لأنك مثلي يا صاحبي لا تتحمس كثيراً للدراسات والأبحاث..!!