الخيال الأدبي!
الواقع، حتى وإن أرضى، فإنه لا يُشبِع!. لذلك يلجأ الإنسان إلى الخيال.
ـ يمكن للخيال أن يكون طيّبًا، مثلما يُمكنه أن يكون شرّيرًا ومُفسِدًا للحياة: التفكير في أي جريمة تخيُّل لها!.
ـ ليست كل الخيالات كريمة ولا طيّبة. والإنسان أي إنسان وكل إنسان كائن مُتخيِّل!.
ـ ما يوفّره الأدب هو الخيال الطيّب الكريم، أيًّا كانت الأفكار والرّغبات السابحة!. هي ما دامت اغتسلت أو سبحت أو أبحرت أو حتى غرقت في ماء الأدب، فقد طَهُرَتْ!.
ـ لا يتميّز الخيال الأدبي، على أي حال، باستقامته!. هو سيّد الانحناءات المفاجئة، والالتفاتات غير المحسوبة!. على الرغم من ذلك فإنه يتميّز بأخلاقيّاته!. كان جوزيف برودسكي حاسمًا بما فيه الكفاية: الجماليّات أُمّ الأخلاقيات!.
ـ والورطة كبيرة، ذلك أن أخلاقيّات الخيال الفني قد لا تتصالح مع أخلاق العدد الأكبر من أفراد المجتمع في وقته، وربما في كل وقت! لكنه يحمل أخلاقياته المُضمرة في صنعته، وفي ماء هذه الأخلاقيات تسبح جماليات المنجز الفني الحي والظاهر والمؤطَّر!. ولنا في أشعار "أبونواس" مثل كلّما ضرب بعصاه أكل أفاعي!.
ـ قد لا يصاحب الخيال الفني رشاد واعتدال، على الرغم من ذلك فإن نتائجه، خلاصته، منحازة دومًا للحكمة والعدل!.
ـ نعم هو سيّد الانعطافات في غير وقتها، لكنه أيضًا سيّد العواطف في وقتها!.
ـ نرجع إلى أوّل القول: الواقع، حتى وإن أرضى، فإنه لا يُشبِع! من هذا الباب المُوارِبْ، الذي ليس بمقدوره إلا أن يظل موارِبًا، لا مفتوحًا ولا مغلقًا، يدخل الخيال الفني والأدبي!.
ـ يُصاحب الغني والفقير، الجائع والشبعان، الحزين والسعيد، المرتاح والقلق، بالدرجة نفسها من الأُلفة، والمؤازرة!.
ـ أو على الأقل فإنه يبدأ مع الجميع، مع كل واحدٍ منهم على حِدَة، بعلاقة مفتوحة الذراعين، مرحّبة، ومتشوّقة للعناق والاحتضان، قادرة على الالتزام بكافة شروط المحبّة وأكثر!.