دورة
عنف كلامي
ساهمت مواجهات دوري أبطال آسيا في تسخين أجواء الأوساط الكروية أكثر مما تعودت أن تكون عليه قبل انطلاقة الموسم، ولعب كالعادة بعض الإعلاميين دور المحامي والمدعي والمتحدث الرسمي.
المشجع بدوره لا بد أن يتعاطى مع هذه الرسائل وينفذ بطريقته ما يظن أنه الدور الذي عليه أن يسهم فيه، سواء كان ذلك فيما يخص الضغط على ناديه للاستجابة لأمر ما، أو ما يرجو به أن يضعف من منافسيه ويربك حساباتهم.
المحامي عن ناديه يغير دفوعاته، فهي تختلف إن كانت تصب في مصلحته أو العكس، والمدعي يلتقط أي شاردة وواردة يمكن لها أن تضر منافسي ناديه ليجعل منها قضية رأي عام، والمتحدث الرسمي يعلن مرة أن النادي يعمل في إطار مشروع، ومرة أخرى أنه في حالة فوضى وتوهان.
المشجع يعلم أن نصف كلامهم كذب، والنصف الآخر بلا دليل، وأنهم يتسلون مع بعضهم عليه على أحسن توصيف، لكنه يريد أكثر حيث تنتظره معارك كلامية مع مشجعين آخرين تحتاج منه التزود ببعض الحجج والسخرية كذلك، هو يعلم أن دور المحامي والمدعي والمتحدث الرسمي يتناوبون عليه ويتبادلونه حسب الحاجة.
هل هناك من لا يريد أن يدور حوار ونقاش على مائدة إعلاميين وخبراء ومختصين؟ بالطبع لا أحد لا يريد ذلك، لكن عندما يتحقق بالفعل، إذ إن هناك فرقًا كبيرًا بين ما يمكن أن يدور بين أشخاص في مجالس خاصة أو مكان لا يمثلون فيه جهاتهم ومهنهم، وبين أن يكون منقولاً على منصة إعلامية، الأمر لا يعني أن تواري وتتجمل أو تزين القبيح، لكن أن تتزن وتتواضع ولا تكذب وتعلم أنك لست وحدك.
بعض الإعلاميين الذين يحاولون دفع الحوار لمساره الصحيح لا يجدون الفرصة متاحة، فالذين خلف الكواليس وأمام الشاشة يعيشون حالة تعطش لإشعال الحرائق في كل مكان، لا يهم إن كانت حتى في أطراف ثيابهم كل ذلك من أجل ألا يقاسموهم ما يرونه أنها كعكة تستحق من أجلها التضحية بأي شيء وكل شيء.
هل الوضع سيئ إلى هذه الدرجة فيما يمكن أن يصيب الوسط الكروي “لا”، فهو من بنى ارتباطه بناديه والمنافسات على مثل هذه الشبكة المعقدة المتضادة في الأسلوب والفهم، ودخل منذ عقد من الزمن شريكًا في تسخينها وتوجيهها، وهو قادر على تدميرها إن أراد، لكن ما هو دور اللاعب الرئيس وأين هو من كل ذلك؟ يتردد هذا السؤال كثيرًا دون مجيب.