«الدوري
رقم كم»
كل بلدان العالم، كبيرها وصغيرها، شمالها وجنوبها، شرقها وغربها، متقدمها ومتأخرها، انطلقت أو ستنطلق فيها بطولات الدوري، إلا ما يقع جنوب خط الاستواء، فهي مستمرة منذ فترة، ومع ذلك هي داخلة في التصنيف.
كل هذه الدول تعرف متى بدأ عندها الدوري، وكم نسخة منه لعبت، ومن هم أبطال هذه النسخ، وفق عملية توثيق رسمية من الجهة الرسمية المشرفة، وفق معايير ثابتة ومحددة، ليس للأندية ولا لمنسوبيها ولا لنفوذها علاقة بالأمر أو صلة به لا من قريب ولا من بعيد، والمؤلم حقًّا أنهم بهذا الفكر والعمل الاحترافي الأساس يملكون أدق التفاصيل وأصغرها، ويستطيع المتابع والباحث أن يحصل عندهم على معلومات عن اللاعب فلان، الذي شارك في موسم 1982م مع فريقه الجديد، وكم دقيقة شارك فيها، وكم إصابة تعرض لها، وكم بطاقة صفراء حصل عليها، ومن هو الحكم المساعد الذي ألغى له هدفًا بداعي التسلل في الدقيقة 79 في مباراتهم في الجولة 16! وغيرها الكثير الكثير مما يصعب حصره فنكتفي بالمثال.
في حين أننا البلد “الوحيد” في العالم الذي لا يعرف فيه دوريه الكروي رقم كم، والغريب أننا لسنا دولة من دول العالم الثالث “المتخلفة”، فنحن أبطال قارتنا في ثلاث نسخ، وقد تأهلنا للمحفل العالمي خمس مرات، منها ثلاث مرات متتالية، ونملك دوريًّا قويًّا يعد الأول عربيًّا، وأحد الأوائل الثلاثة قاريًّا، وهو مصنف السادس عالميًّا كقيمة مالية، لكنه تنظيميًّا في مرتبة لا تليق، وتسبقنا دول تصغرنا مساحةً وقوةً وتأثيرًا على كافة الأصعدة حتى الرياضية.
غدًا الخميس سينطلق الدوري في نسخته الجديدة، وأصعب سؤال يمكن توجيهه للمسؤول الرياضي هذا الدوري رقم كم؟
علمًا بأن هذا السؤال هو الأسهل عند بقية دول العالم، وبإمكان رجل شارع بسيط أو طفل لم يبلغ الحلم أن يجيب عنه.
هل تعلمون ما السبب؟
لأن لدينا بعض أندية لا تريد التوثيق، ففيه جرد للبطولات وتنظيمها، وبالتالي تسقط ادعاءاتهم بإضافة بطولات دوري وهمية، ولو تم إقرار هذه الدوريات لجميع الفرق بنفس المعيار الذي يقرُّونه لأنفسهم فقط لكان الدوري السعودي قد انطلق قبل توحيد البلاد، وقبل تأسيس اتحاد القدم وهيئة الرياضة، بل وكل وزارات الدولة ومؤسساتها الرسمية!
الهاء الرابعة
عقابُ الهجرِ أعقبَ لي الوصالا
وصِدْقُ الصَّبْرِ أظْهَرَ لي المحالا
عتبتُ الدَّهرَ كيفَ يذلُّ مثلي
ولي عزمٌ أقدُّ به الجبالا