أول مدرب يصعد مع الأخضر منصات المجد يقلّب صفحات الماضي الزياني:
مكالمة غيّرت التاريخ
في أقل من عشر ساعات، وجد خليل الزياني نفسه مدرباً للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم في وقت صعب، كان يعاني فيه الأخضر أثناء بطولة الخليج، وقبل أشهر قليلة من تصفيات أولمبياد لوس أنجليس. من اللحظة الأولى نجح المدرب السعودي الذي كان في الـ37 من عمره، في تغيير شكل الأخضر وقاده للمركز الثالث، غير أن البداية الحقيقية كانت بعد عدة أشهر، نجح في إيجاد توليفة سعودية حققت أول إنجاز رياضي سعودي، وأيضا أول لقب قاري. خلال مسيرته الرياضية، برهن خليل الزياني الذي ناهز الـ72 عاما حاليا على أنه مدرب لا يُشق له غبار.
الزياني، وفي اليوم الوطني السعودي، قلّب مع “الرياضية” أوراق أول الإنجازات الرياضية السعودية.
01
عندما نتحدث عن بدايات وإنجازات الكرة السعودية، فإن خليل الزياني أكثر من يملك القدرة على تسليط الضوء عليها، كيف كانت البدايات القديمة للكرة السعودية والتي صنعت مستقبلها لاحقاً؟
لكل فعل رد فعل، البطولات والإنجازات التي حققتها الكرة السعودية لم تأتِ من فراغ، بل بفضل الله أولاً، ثم الدعم اللا محدود من المسؤولين والقائمين على الرياضة السعودية، على مر الزمان، من ذلك الوقت، حتى اليوم، أيضا نوعية اللاعبين الذين شاركوا في صناعة تلك الإنجازات كان لهم دور في ذلك، والمدربون الذين مروا على الكرة السعودية سواء أجانب أو محليين.
نتذكر ماعاشته الكرة السعودية خلال الفترة الماضية، التأهل إلى كأس العالم خمس مرات، والفوز بكأس آسيا ثلاث مرات، وكأس العرب مرتين وكأس الخليج ثلاث مرات، والبطولة الإسلامية، كل هذا كان نتاج الدعم الذي حظيت به الرياضة السعودية من القيادة، والذي كان دعماً كبيراً لا حدود له.
02
تطورت الرياضة السعودية كثيراً في العقود الأربعة الماضية، من كرة لا يعرف عنها الكثير، إلى منتخب يتزعم القارة.. كيف كانت البدايات؟
المنتخب حظي بدعم كبير، أيضا لا ننسى تطور البنية التحتية للرياضة السعودية، الملاعب الكبيرة التي تم بناؤها، وأيضا مقرات الأندية والتي كان لها دور في النقلة الرياضية الكبيرة التي عاشتها الكرة السعودية في بداية الثمانينيات، هذه النقلة جعلت اللاعب السعودي يتطور بشكل أسرع من غيره، ويحقق الإنجازات بشكل لافت للنظر، آخر ما تحقق للكرة السعودية ملعب مدينة الملك عبد الله في جدة، والذي هو بحق "جوهرة" ملاعب الدنيا، سواء بنوعية البناء أو الاتساع الكبير له، لهذا الكرة السعودية لفتت الأنظار في العقود الماضية، منذ بداية الثمانينيات والتي شهدت التأهل إلى أولمبياد لوس أنجليس، والفوز بكأس آسيا، ونتذكر لاعبين كباراً مروا على الكرة السعودية، كان لهم أثر كبير في تسطير هذه الإنجازات.
03
شهد العام 1983 أول إنجاز سعودي، تلاه الفوز بأول الألقاب، كأس أمم آسيا، كانت نقلة كبيرة للمنتخب، قادها خليل الزياني، كيف نجحت في نقل منتخب يعاني خليجياً، إلى بطل يفوز بكأس القارة؟
كان هناك دعم كبير من القيادة، ومن القائمين على الرياضة، أيضا كان هناك لاعبون لا يستهان بهم، وأيضا الحالة الأسرية التي كان عليها المنتخب في تلك الفترة، والعلاقة بيني وبين اللاعبين والتفاف الجماهير حول المنتخب، وخاصة بعد التأهل للأولمبياد، الكل تغنى بالمنتخب، كبار الفنانين قدموا أغاني رائعة عن المنتخب سواء طلال مداح ـ رحمه الله ـ أو محمد عبده وطلال سلامة، الكل تغنى بالأخضر ولاعبيه، كل هذا كان يعطي اللاعبين دافع الفوز في أرض الملعب.
04
أن تقود المنتخب بعد طرد أفضل مدرب في العالم، لم يكن أمراً سهلاً، كيف عملت النقلة الكبيرة في الأخضر؟
هي عبارة عن تغيير مفاهيم، اللاعبون كانوا معتادين مع زاجالو، ومعي كان الأمر مختلفاً، وغيروا بعض المفاهيم، وتعاونوا معي، ونجحنا كفريق في الوصول إلى النتائج التي تحققت، لم تكن هناك ملاحظات كبيرة على البرازيلي زاجالو، ولا نشك في مكانته العالمية كمدرب، ولكن ليس كل مدرب يمكن أن ينجح مع نوعيات معينة من اللاعبين، يجب أن يكون المدرب فاهماً للغة اللاعبين ومعنوياتهم، والحالة الأسرية التي يمكن أن تنتشلهم من الحالة التي كانوا عليها، وتجاوبوا معي واستوعبوا الدرس والماضي واستعدوا للقادم بشكل مختلف، لهذا كانت الصورة في سنغافورة مختلفة.
05
هل كنت تتوقع أن تحل بديلاً لزاجالو؟
أنا لم آت من فراغ، كنت للتو فزت بكأس بطولة مجلس التعاون مع الاتفاق وهي أول بطولة خليجية يفوز بها ناد سعودي، كما قدت الاتفاق للفوز بالدوري السعودي دون خسارة، بعد الخسارة القاسية من العراق بأربعة أهداف، في عُمان، ردد الجمهور "حيو الزياني حيوه" بكل حرارة، وكأنه إلهام من الله لهم، أيضا المسؤولون كانوا يعرفون إمكانات الزياني، فقرروا الاستعانة بي، جاءني اتصال في المساء من الأمير فيصل بن فهد ـ رحمه الله ـ، الذي كلفني دون تردد بقيادة المنتخب، وفي الصباح كنت في عُمان، واجتمع الأمير فيصل باللاعبين، وأعلن الخبر لهم.
06
ماذا قال لك الأمير فيصل بن فهد
في الاتصال؟
سألني ماذا ستقدم، قلت سأجتهد وأعمل بعد أن أشاهد اللاعبين على أرض الملعب، وأتعرف على المشاكل التي أحاطت باللاعبين حينها، وأعالجها لكي نصل إلى أفضل الحلول، وهذا ما تحقق.
07
بعدها استمررت مع المنتخب، وبدأت في تغيير المنتخب حسب رؤيتك الفنية؟
بعد كأس الخليج شاركنا في تصفيات أولمبياد لوس أنجليس، وكانت ملحمة كبيرة لوحدها، قدمنا مباريات كبيرة فزنا فيها على نيوزيلندا 3ـ0 ثم كوريا 5ـ4 ومرورا بالكويت 4ـ2، كانت نتائج أذهلت الجميع، وهي لحظات شدت الجمهور للمنتخب، وغنوا "وين ما يروح الأخضر أنا وياه"، وتفاعلت الجماهير مع المنتخب وظهرت للشوارع لكي تحتفل وهي أول مرة تحتفل فيها في الشوارع، بعدها، كان أول فرحة للجمهور السعودي وأول إنجاز، بعد الفوز بكأس آسيا تم الطلب من الجماهير بعدم استقبال المنتخب في الشوارع بل في الملعب، لأنه بعد التأهل للأولمبياد تم إغلاق الشوارع المتجهة للمطار من الجماهير.
08
كيف كان تأثير الدعم الحكومي من أكبر سلطة في البلاد على المنتخب ولاعبيه؟
كانت الكرة السعودية تصطدم بالكويت التي كانت المنتخب الأقوى خليجياً، كنا نستعد جيداً قبل أن نلعب معهم، فكانت هي المشكلة، ما عداها كان المنتخب متميزاً، المسؤولون بعد الإنجاز تفاعلوا مع الحدث، وكان هناك دعم وترحيب أكبر بالمنتخب، والكل كافأ اللاعبين، من أعلى الهرم.
09
في أمم آسيا كان المنتخب مدججاً بالنجوم، كيف نجح الزياني في السيطرة على هؤلاء النجوم، وهو لم يكن مدرباً أجنبياً؟
لا يمكن أن يقود مدرب فريقاً بلا لاعبين، لابد أن يكون هناك لاعبون لديهم الفكر والمجهود البدني والفني ليحقق الفوز، وهذا يأتي من القدرة على الاختيار، بعدها كيف تصنع من هؤلاء اللاعبين فريقاً، هذا الأمر يتطلب بُعد نظر وبصيرة من المدرب، القضية ليست في اختيار الأفضل فقط، ولكن كيف تسخّر إمكانات هؤلاء وتجندهم لخدمة المنتخب.
10
الزياني كان أول مدرب يلتفت للأندية الصغيرة ليضم لاعبيها، كيف أوجدت هذه التوليفة؟
معظم اللاعبين كانوا من اختياري، عبد الله الدعيع من الطائي وأحمد البيشي من القادسية وناصر المنصور من النهضة، وبندر الجارالله من الأهلي، وأيضا كان هناك لاعبون اختارهم زاجالو قبلي مثل شايع النفيسة من الكوكب، ولكن لم يكن يُعطى الفرصة، وأنا من منحه إياها ونجح في ذلك، كان زاجالو لا يفكر في منح شايع الفرصة لأنه من ناد صغير.
11
في كأس آسيا، هل سافرتم إلى ماليزيا برغبة المنافسة، أم تقديم المستوى الجيد؟
لا أحد يدخل بطولة وهو متأكد من الفوز بها، يذهب بأمل تقديم المستوى الجيد، ويأمل في الفوز، لا أحد يمكنه أن يميز نفسه عن الآخرين، أنا قلت لهم إن لدينا القدرة أنا واللاعبون على تجاوز المرحلة واللعب بكل قوة.
12
هل تذكر ما حدث ليلة مباراة الصين؟
لا أتذكرها جيدا بالتأكيد، ولكن ما أذكره أنني وضعت نظاماً صارماً للاعبين في المعسكر في التدريب والتغذية، ووضعت برنامجاً للنوم والوجبات، وركزت على وجبة الإفطار ومواعيد النوم ليكون اللاعبون في أفضل جاهزية بدنية.
13
كيف تعاملت مع أرضية ماليزيا الموحلة؟
كنت أعلم أن أرضية الملاعب ستكون مبللة، فسافرنا قبل البطولة لإندونيسا ولعبنا مباراة مع المنتخب الإندونيسي، وفي أرضية مبللة لكي يتعود اللاعبون عليها، لكي نستعد للمنافسة بشكل أفضل.
14
ما الذي تغير بين عقلية اللاعبين الذين يتعاملون مع تعليمات المدرب وعقلية اللاعبين حاليا؟
لغة التفاهم مع اللاعبين، أنا كنت أوصل ما أريد للاعب دون مترجم، أتذكر من الطرائف أنه عندما اجتمعت مع اللاعبين للمرة الأولى، وقف بجواري المترجم ربيع زين، وسألته ماذا تريد يا ربيع؟ فضحك وقال "نسيت أنك سعودي"، هذا الأمر يساعد في سرعة التلقي، وبالإقناع والتفاهم يمكن أن تصل لما تريد.
15
ما كلمة السر التي كانت وراء كل هذا؟
ثقة المسؤولين فيّ، كمدرب قادر على أن يقود الأخضر للبطولات، كان هناك خط مفتوح مع القائمين على المنتخب في كل محطاته.