ثوب البيت..
الزي الرسمي
خلف باب غرفة النوم “معلّق”.. “مهمل”.. “منسيّ”.. تمر الأيام والأسابيع دون حراك بينه وبين الفراغ عراك.. يشتاق إلى فقاعات الصابون وجريان الماء.. كل من حوله في الغرفة يخرج ويعود ويخوض مغامرات.. التجاهل يغلّفه.. ببساطة.. “ثوب البيت”..
الكثير من سكان السعودية وبعض دول الخليج العربي يعتمدون هذا النوع من الثياب عندما يكونون ماكثين في المنزل منذ سنوات عدة، ولكن في السنوات الأخيرة بات حضوره على استحياء..
سعره لا يتخطى الـ100 ريال ومن الممكن أن يباع بسعر تكلفته كون البائع يبحث عن زبائنه فلا يجدهم إلا نادرًا.. لا يحتاج إلى خياط لتفصيله، والطلب عليه قليل مقارنة بالثياب الرسمية المتعارف عليها..
أكثر استخداماته من قبل البعض خلال عيد الأضحى، فوقتها يرتفع الإقبال عليه وقت الذبح.. وبعدها ينساه صاحبه إذا كان لم يرمه في سلة المهملات..
في السنوات الأخيرة، بات البقاء في المنزل أمر يستصعبه الكثير، فالخروج هو السمة الدائمة.. بعكس ما كان في السابق.. الحياة اختلفت.. الفعاليات والمؤتمرات والندوات والأمور الترفيهية أصبحت بشكل أكبر وجذبت الملايين من الأشخاص الذين كان يطلق عليهم في السابق لقب “بيتوتيين” نسبة إلى طول مدة بقائهم في البيت وعدم رغبتهم في الخروج كثيرًا، ولكن دوام الحال من المحال.. أضحى هؤلاء أكثر الأشخاص خروجًا في السنوات الأخيرة..
بعد تفشي وباء كورونا، أمسى البقاء في المنزل أفضل الطرق لمواجهة المرض المستجد.. فكل الدول تناشد رعاياها بعدم الخروج إلا للحاجة الملحة.. البعض يبقى أياما من دون أن يرى نور الشمس.. الالتزام وسيلة للنجاة..
وخلال بقائي في المنزل أتنقل بين أصدقائي إلكترونيًا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فلاحظت أن الكثير منهم مرتدي “ثوب البيت”، سألت أحدهم عن مظهره الجديد الذي طلّ به فأجاب: “الثوب لقيته ورى باب غرفتي له أشهر ما أدري عنه وقلت هذا وقته”..
الغبار نفض عن ذلك الثوب المغلوب على أمره، وبات أكثر انتعاشًا بعد أن التفت له صاحبه، واحتضنه وأصبح يتحرك في كل مكان في المنزل، وشم رائحة الصابون.. أضحى الزي الرسمي للرجال ودخلت الثياب الباهظة الثمن إلى الخزانات.. مؤقتًا.. كلنا ثقة بأن ما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين يصب في مصلحتنا أولًا وأخيرًا.. فتنفيذ الأوامر هو ما علينا اتباعه في هذه المرحلة.. فيجب أن نعي بأنه بالتكاتف وتنفيذ مطالب الجهات المختصة سنقضي على الوباء ونجعله ينحسر وسيأتي اليوم الذي يعود فيه “ثوب البيت” إلى وضعه السابق معلقًا خلف باب غرفة النوم.. ولكن لن يكون ذلك إلا بالهمة والعزيمة وإلا سنبقى مرتدين ثياب البيت مدة أطول.