2020-03-31 | 23:08 مقالات

جنة المستهترين.. منازلهم

مشاركة الخبر      

طفلة في السابعة من عمرها، تلتقط بطاقة دعوة لحفل زواج وتحاول أن تقرأها بصعوبة، فالخط المكتوب طغى عليه الجمال، وبعد رحلة معاناة مع القراءة، وجدت في آخرها جملة مكتوبة بخط عادي “من دون نفس” ومصغّرة، ولكن الطفلة التقطتها، “جنة الأطفال منازلهم”..
الجملة لم تفهمها الطفلة فتوجهت إلى والدتها لتسألها، فأجابتها بأن معناها “ممنوع اصطحاب الأطفال في الزواج”، الطفلة حاولت أن تقنع أمها بأن ما قرأته لا يتوافق مع تفسيرها، عادت لتطلب من الأم المشغولة في وضع “المكياج”، أن توضّح لها العبارة فهي تمني نفسها بأن تحضر حفل الزواج، فأوقفت الأم “تركيب الرموش الصناعية” وطالعتها بعينها الحادة التي لم يصلها الكحل بعد، الذي يبدو أنه يدر هرمون الهدوء لدى النساء فور وضعه، وقالت لها: “هي نفس الجملة.. ممنوع الحضور للصغار بس يكتبونها بهذي الطريقة خلاص ما تفهمين”..
أكملت الأم “حفلة” المكياج في وجهها استعدادًا للتوجه إلى “حفلة” الزواج.. والطفلة بقت في جنتها وهي منزلها كما جاء في بطاقة الدعوة..
بالنسبة لي أؤيد بقاء الأطفال في منازلهم وعدم حضورهم للزواجات أو المناسبات الكبرى أو المباريات أو الأماكن المزدحمة، فمناعتهم أضعف بكثير من الكبار، ومن الممكن أن يتعرضوا للأذى، خروجهم يقتصر على الأماكن المخصصة لهم أو الزيارات العائلية..
ولكن مع وباء كورونا الذي لا يعرف صغيرًا أو كبيرًا، فهو فيروس تسديداته لا تتخطى شباك المرمى في حال إن كان الحارس غير ملتزم بالإجراءات الوقائية فحينها سيتلقى أهدافًا عدة.. فالأطفال يفضّل ألا يخرجوا نهائيًّا..
خرجت للضرورة لشراء بعض الاحتياجات الغذائية، فإذا “الماركت الكبير” يخلو من الأطفال، فهذا أمر يحسب للأهالي عدم تعريض صغارهم لخطر الإصابة بالعدوى، وإبقائهم في جنتهم..
المشهد أسعدني كثيرًا، ولكن بجانبي رب أسرة يبتاع ما لذ وطاب له بمفرده، لكنه لا يبدو عليه اتباع الاحترازات، فعند المحاسب بضع سنتيميترات تفصله عن الشخص الذي أمامه الذي يسعل قليلاً، ولكنه غير مبالٍ.. طلبت منه أن يكون أكثر حذرًا لتجنب العدوى فقال لي الجملة الشهيرة.. “وسّع صدرك”.. أفحمني ولم يقنعني..
للأسف أن الكثير من الذين يحافظون على أبنائهم الصغار وكذلك آبائهم ويجنبونهم خطر الخروج من المنازل خشية التعرض للفيروس المستجد، لا يتبعون معايير الوقاية وهم بذلك يعتقدون بأنهم حموا أهاليهم، فالمرض قد يتكفلون بنقله إلى منازلهم “لا قدر الله” في حال استمروا على استهتارهم وعدم جديتهم في الإجراءات الاحترازية.. لذا من الأفضل أن يبقى المستهتر في جنته منزله مع الصغار والكبار في السن، وتتولى التطبيقات توصيل الطلبات له..