أصابع الزمن
وبيلا تشاو تشاو
في غرفة مظلمة.. لا يرى منها سوى نور شاشة التلفاز.. وإشعارات جهاز الجوال يجلس الأب وحده، وعلق عبارة على آذان أبنائه “ممنوع الاقتراب”، وعندما سألوه عن السبب أجاب بأنه يتابع الجزء الرابع من المسلسل الإسباني البروفيسور الذي تم بثه في وقت بقاء المواطنين والمقيمين في المنازل من أجل محاربة فيروس كورونا المستجد.
المنزل الصغير يحوي شاشة كبيرة تتخطى الـ 55 بوصة ولكن الأب محتكرها، والأبناء ينتظرون اللحظة التي يخرج فيها “العاشق الإسباني” ليهجموا على محتوى التلفاز فيعد في هذه المرحلة أهم وسائل الترفيه في المنازل فيتابعون المسلسل ذاته، وعند سماع صوت الأب يهربون..
في وجبة الغداء، البنت الصغيرة فضحت أخوتها بأنهم يشاهدون المسلسل ذاته، ولكن على طريقتها عندما صدحت بـ”بيلا تشاو بيلا تشاو”، وهي الأغنية الشهيرة في المسلسل، على الفور التفت الأب إلى أبنائه وسألهم هل اقتحموا سريته فاعترفوا، وبخهم وبعدها شرح لهم سبب عدم السماح بمشاهدة المسلسل، بقوله إنه ليس مناسبًا للصغار وأيضًا الكبار المحافظين لما يحتويه من لقطات خادشة للحياء، وبرر بأنه أدمن مشاهدته للأسف..
الأبناء اقتنعوا بتوضيح الأب لكنه لم يقتنع هو بما ذكره، فكان يتمنى أن يتابعه معهم خصوصًا أن الكثير يتحدث عن المسلسل في وسائل التواصل الاجتماعي ما زاد من رغبة المشاهدة لديهم، لكن الخطوط الحمراء التي لا يعترف بها أبطال العمل ورقصوا عليها، جعل أمر المشاهدة ممنوعًا..
على وجبة العشاء، الابن الذي لم يتخط عمره العشرة أعوام يقول لأبيه، تعرف “أصابع الزمن” فأجابه بنعم، الأب استغرب مما ذكره ابنه واستفسر عن معرفته به كونه من المسلسلات القديمة، فقال بأنه شاهده في قناة ذكريات، وسرد له مجموعة من محتوى القناة، وقال: “شاهدت جرانديزر وبرنامج حروف وعودة عصويد”.. الأب الأربعيني لم يتمكن من إكمال وجبته وركض ليشاهد القناة، ولكنه هذه المرة جمع عائلته وفتح الأبواب وأزال عبارة ممنوع الاقتراب.. وتقمص شخصية “البروفيسور”، ولكن في التنظير وتذكير أبنائه بالزمن الجميل من خلال البرامج والمسلسلات، ولكنه للأسف كان يقول “تمثيلية” وليس “مسلسل” كما كان يسمى في ذلك الزمن..
وزارة الإعلام ممثلة في هيئة الإذاعة والتلفزيون بقيادة معالي الوزير الدكتور ماجد القصبي نجحت في تقديم قناة في توقيت رائع، شكلت أبرز فعالية في المنازل، الكبار تسمروا أمام الشاشة مبتسمين وهم يتابعون القناة والصغار يتابعون أيضًا لم يفارقوها فهم يسمعون عن البرامج والمسلسلات القديمة من آبائهم ولم يشاهدوها فجاء الوقت المناسب..
اعتقد بأن قناة ذكريات، الفعالية الأبرز في المنازل حاليًا.. وسحبت بساط المشاهدين بعرض الأرشيف فقط دون تكلف ولكن بذكاء..