خمس حبات «فيروس» بريال
قبل أن يمسك قائد الطائرة بالمذياع الداخلي ليشيع خبر وصول الرحلة، وإمكانية الركاب نزع حزام الأمان وعدم نسيان أمتعتهم، فيجيبه بعض الركاب فعلاً وليس قولاً فلقد اقتربوا من باب الخروج من الطائرة وأجنحتها معلقة في الهواء، ففي الوقت الذي يتحدث قائد “البوينج” مع برج المراقبة لمنحه صلاحية الهبوط هناك مشادات بين مضيفيّ ومضيفات الطائرة مع بعض الركاب الذين بدؤوا يستعدون للنزول.. مشهد يتكرر.. ونعايشه.
المتعجلون من الركاب هم أنفسهم الأشخاص المصطفون أمام محل بيع فلافل بشكل عشوائي في أول مشهد يصل بعد فك المنع، وثّق في مقطع فيديو، فهؤلاء آخر ما يفكرون فيه الإجراءات الاحترازية، المقطع علق عليه الكثير من رواد منصات التواصل الاجتماعي، مستغربين تلك التصرفات وعدم التحلي بالمسؤولية فرائحة الفلافل، وسباحتها في “الزيت الأسود المتوسط الصلاحية” كل ما يشغل تفكيرهم..
هل تستحق أكلة طريقة تحضيرها تستغرق يوماً كاملاً، لكثرة التوقفات فيها وتذكرك بالدوري السعودي في سنوات ماضية، أن يعرض الأشخاص أنفسهم وذويهم ومحبيهم إلى خطر الإصابة بالفيروس.. خمس حبات فلافل بخمسة ريالات.. يا بلاش.. ولكن ثمنها الذي يدفعه زوار المطعم أغلى من ذلك بكثير لو أصيب أحدهم بالوباء.. الصحة لا تقدر بثمن..
هؤلاء لا ننكر وجودهم، ونستنكر تصرفاتهم الحمقاء وقفزهم على الأنظمة.. لا يرتدعون، يسمعون ويشاهدون التحذيرات لكن طبع على قلوبهم الجهل..
اللجنة المختصة لمتابعة مستجدات كورونا تعمل وفق خطة واضحة تسعى من خلالها إلى مسك “العصا” من النصف لتوجد موازنة بين المعايشة مع الفيروس الحر الطليق، وعودة البيوت إلى الهجران، مشترطة تطبيق الإرشادات الصحية، ولكن نتمنى أن يمسك القائمون على اللجنة “العصا” من الأسفل وضرب هؤلاء المخالفين والمستهترين بأقصى العقوبات.. فالعصا لمن عصى..
متحدث وزارة الصحة أطلق تغريدة يبدو أنها تزامنت بعد مشاهدة تلك المخالفات جاء فيها: “الجائحة مستمرة والفيروس موجود، لا أحد منا يريد أن يفقد أحداً، لا تكن سبباً في أذية نفسك أو نقل العدوى لوالديك وأبنائك لا سمح الله بسبب الاستهتار والتفريط”.
أبطال “ملحمة” مطعم الفلافل ليسوا الوحيدين، بل تصدر المشهد مئات المقاطع المماثلة، لأشخاص غير مبالين.. فرض عقوبات على هؤلاء بات مطلبًا فلا نريد أن نعود خطوة إلى الوراء، ففي أزمة كورونا قد يدفع الشخص الملتزم بالإجراءات الصحية حماقة غير المبالي والمستهتر.. فيروس غير عادل حتى في الإصابة..