حسن حسني.. بطولة شعبية
يقول الأسطورة الراحل عبد الحليم حافظ إنه لا يهتم بأن يموت غدًا أو بعد 100 عام ولكن ما يهمه أنه عندما يرحل إلى مثواه الأخير يكون محافظًا على مكانته. غادر الدنيا العندليب قبل ما يقارب من 45 عامًا لوحده لكنه خلّد حقائب مليئة بالإبداع والفن.
يصعب على الممثل أن يحافظ على المكانة التي تمناها ابن شبانة، بأن يستمر في التألق أعوامًا طويلة فلا بد أن يأتي يوم وينخفض عطاؤه لأسباب عدة أهمها فقدان لياقة تقمص الشخصيات وتأدية الأدوار وهو أمر طبيعي في حال التقدم في العمر.. لكن الأمر مختلف لدى حسن حسني.
أكثر من 60 عامًا تنقل بين المسرح والتلفزيون والسينما ولا يزال هو حسن حسني نفسه.. أيقونة نجاح.. كوّن شعبية جارفة بين نظرائه الممثلين قبل عشاقه.. فلو كان نجوم الشباك يبحثون عن تفوق أعمالهم، فعلى الفور كانوا يبحثون عنه لينقذهم فيؤدي دوره بإتقان فيخرج معه العمل إلى بر الأمان حتى لو كان في مجمله ركيكًا.
طموح أي ممثل أن يكون بطلًا ويتمنى لو يكتب اسمه قبل فتح الشاشة. مشاكل عدة وقع فيها القائمون على صناعة السينما والتلفزيون والمسرح فيما يخص تسابق الأسماء، فنشهد صراعات بين الممثلين والممثلات، كل منهم يبحث عن وضع اسمه في الشارة أولًا.. فهو يدرك بأن البطولة المطلقة منتهى المبتغى ولكن حسن حسني لم يهتم بذلك ولم يدخل في صراعات التتر، ورغم أنه يشارك مع ممثلين يفوقهم خبرة وموهبة وشعبية.
أبناء جيله والأجيال التي عقبته حققوا مرادهم ووصلوا إلى البطولة المطلقة، بعد أن تمرسوا في الأدوار المساعدة، لكنهم سقطوا فيما بعد ولم يصلوا إلى مكانته التي تدنوهم، كان ينتظر الفرصة ليكون بطلًا لكن لم يكتب له.
حسن حسني من الممكن ألا يكون قد نجح في الوصول إلى البطولة المطلقة لكنه حقق الأهم منها وهي البطولة الشعبية، فطيلة مسيرته كوّن نمطًا جميلًا لدى عشاقه، جعلهم يغرمون بما يقدم رغم أنه ليس البطل.
التفاعل الكبير مع رحيله في جميع وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام في كل مكان ـ رحمة الله عليه ـ خير دليل على ما يحظى به من مكانة رفيعة لدى عشاقه وشعبية لم يحققها أصحاب البطولة المطلقة.
حسن حسني.. جمع الكم والكيف ونجح، فقدم أكثر من 500 عمل تخلّد مسيرة ممثل لن يتكرر.. فكيف لممثل مساعد أن يتخطى الأبطال شعبية ومحبة.. معادلة لا يعرف حلها إلا حسن حسني رحمه الله.