حنّ «الكيرم» ورجع لأهله
الكثير منّا يتعامل مع الجنرال “كوفيد 19” بجدية وحزم فلا تهاون مع فيروس غامض يحاصرنا ويهدد صحتنا وحياتنا، أيادينا غرقت في الصابون والمعقمات، والشوق يملؤنا لعناق الأحبة، والحنين لمصافحة ومجالسة الأصدقاء لا يغادرنا، ولكن كل ذلك يهون في سبيل القضاء على جائحة أوقفت محركات الطيران وضربت الاقتصاد، وقبل ذلك هددت سكان المعمورة ولا تزال..
الفيروس أضحى عدوًّا للجميع، فمن يستطيع أن يصافحه، أو يضحك معه، أو حتى يمازحه.. كل منّا له ثأر يريد أن يقتصه منه.. في المعارك لا نبتسم حتى في هدنتها..
مدينة الرياض تسجل ارتفاعًا في الإصابة بفيروس كورونا الأيام الماضية وتتصدر المدن السعودية، ويأتي ذلك لأسباب عدة منها عدم التقيّد بالإجراءات الاحترازية من قبل بعضهم، ما دعا الجهات المختصة إلى تنبيه سكان العاصمة بضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية ليتجنبوا قرارات وقائية صارمة كما حدث في محافظة جدة، فالحالات الحرجة أحرجت المتهاونين في سلوكهم مع الفيروس الذي تغلب عليهم بسلوكه.. المسؤولية باتت على الفرد من أجل تجاوز الجائحة العالمية.. وأولها أن يستشعر حجم الكارثة التي ضربت الكرة الأرضية.. ولعبت بها..
لا أحد يكره الضحك.. جدران المنازل العابسة تعجّل من شيخوخة قاطنيها، لحظات الأنس تشترى، والشخص خفيف الظل الكل حوله.. ولكن لكل مقام مقال.. ولكن ليس من الحكمة أن يكون الهزل أو ما يسمى “الطقطقة” في وقت الأزمات والمصاعب.. وندرك بأن الضحك له فوائد عدة صحية ونفسية عدة ولكن لا يكون في مواقف تستدعي الجدية..
في الفترة الماضية، الكثير من رواد وسائل التواصل الاجتماعي ومنهم مشاهير عدة في مجالاتهم قاموا ببث صورة للعبة الشعبية “الكيرم”، وأرفقوا سخرية مع الصورة بدافع الضحك كنوع من التحذير لسكان العاصمة وبقية المدن، في إشارة منهم بأنهم سيعودون إلى اللعبة التي رافقت الكثير من سكان السعودية خلال فترة البقاء في المنازل، كونها تضم أفراد العائلة، وبات “اللوح الخشبي بخمسينه وعشرته وخمسته ومضرابه” الأكثر طلبًا في هذه الفترة..
من رمز بالإجراءات الاحترازية من باب الضحك قد تصل الرسالة إلى بعضهم بأن الموضوع يحمل في طياته تهاونًا، والأمر بسيط كون وقع التحذير جاء بطريقة ساخرة..
على المشاهير من إعلاميين ومثقفين ورياضيين وغيرهم أن يكونوا قدوة في إيصال الرسائل التوجيهية، وتكون مغلفة من واقع الأرقام والإصابات والضحايا وتحمل جدية أكبر بدلاً من بث صور لعبة خشبية لنقول عنهم بأنهم ظرفاء.. مع كورونا كل شيء توقف.. والضحك والسخرية الأولى أن يتوقفا أيضًا في تعاملنا مع الفيروس..