مطر الرياضة
ووحل الإعلاميين
طفل في العاشرة ضحى بمشاهدة قنوات الأطفال لرؤية جدّه في برنامج رياضي، وعندما طلّ الخمسيني طار الحفيد من الفرح وبدأ يصرخ، مناديًا أمه لتشاهد والدها، فلمعت عيناها وبدأت بالتصوير لترسلها لـ”قروب” أمهات أصدقاء ولدها.. كرسي الاستديو ملأه بهيبته كما هو كرسيه في المنزل، تصوّر الأم وترسل المقاطع إلى “القروبات” دون التركيز في الفحوى ولكن “النت” بطيء، فلا تصل..
وعندما ركّزت الأم في المحتوى وجدت والدها صاحب الهيبة ومن رباها على مبادئ وقيّم رصينة، تبدلت شخصيته في البرنامج، والروح الرياضية نزعت منه.. فلم تصدق ما شاهدته.. عادت سريعًا إلى مقاطع الفيديو فحمدت الله على أن “النت” كان ضعيفًا ولم ترسل إلى أحبابها ليشاهدوا فضيحة والدها..
يظل الرجل مهابًا حتى يتكلم، ولكن في الوسط الرياضي بعض الإعلاميين لا يحتاجون أن يتكلموا، فالهيبة تسقط منذ انطلاق عبارة “ON AIR” أو إمساكهم بقلم أو أحرف أجهزتهم الذكية..
للأسف فإن الكثير منهم باتوا أضحوكة في المجتمع، ونسوا بأن منهم الآباء والأجداد والمعلمين والمحاضرين وأصحاب المناصب العليا، فيتعاملون مع ما سبق بشخصيتهم المتزنة وعندما يرتدون عباءة الإعلام الرياضي متعددة الجيوب يخرجون منها الكذب والتعصب والكلام البذيء والمصالح الشخصية، فيعيش عقلهم الباطن في صراع مع مخرجاتهم، وهي الحيرة ذاتها التي يشعر بها القريبون منهم.
فلو قال الرجل الخمسيني لحفيده إياك والكذب وهو يراه يزيف الحقائق في شخصيته الرياضية، ولو طلب منه أن يكون حليمًا ولا يغضب والشرر يتطاير من عينيه وصوته لا يحتاج إلى مكبر صوت في الاستديو ولو أمسك بيده وأوصاه بألا يسخر من أحد وهو في البرامج وحساباته الخاصة يتهكم على هذا ويسخر من ذاك.. كيف سيصدقه حفيده الصغير.. لا أعرف ماذا يستفيد هؤلاء؟ هل هدفهم الشهرة فقط؟!.. مسيلمة الكذاب شخص مشهور.. وأيهما أهم أن يكونوا مشهورين بالكذب والتدليس والخداع أم أن يكونوا الأشخاص المتزنين في أعين العائلة والمحيطين بها ويفتخرون بهم..
ألا يفكرون في أبنائهم وأحفادهم وأقاربهم؟ هم يعيشون في شهرة مزيفة وسلبية مضحكة، حتى ويكيبيديا ستضيف خانة “إعلامي أضحوكة” في تصنيفها لهم..
هل تعتقدون بأن الأم لم تكن تتمنى أن يكون النت سريعًا لترسل مقاطع الفيديو لوالدها لو كان متزنًا لتفتخر به..
“عندما تطلب هطول المطر فعليك أن تعرف كيف تتعامل مع الوحل”.. نعم نحن نعشق الرياضة ولكن علينا أن نكون أذكياء في التعاطي مع الوحل الذي يجرّنا له بعض الإعلاميين.