مراسل الإخبارية..
والحرس القديم
يخرج مذيع الأخبار في الاستديو متباهيًا بطلته وأناقته، وحباله الصوتية تعبت من اللعب على أوتار القرار، المشاهدون لا يهتمون إلا بالأخبار فلم يضعوه على قائمة نجومهم المفضلين.. يبث خبرًا عن حدث معين فيزيد “مراسلنا يحدثنا عن مزيد من التفاصيل”..
المراسل الميداني يجيب عن المذيع المتأنق ليقول: “الأجواء جميلة والناس يتنزهون وهناك جبل في الخلف والأشجار لونها أخضر والسيارات تمر في الطريق والصغار يلعبون”.. الصورة واضحة للمشاهدين من دون معلومات الصحافي الفلتة فما فائدة تفسير الماء بالماء؟!..
المذيع مهتم في مظهره أكثر من مهنته لم يركز في محتوى المراسل، فاستثمر ابتعاد الكاميرا عنه ليعدل شخصيته، وختم بقوله: “نشكر زميلنا المراسل على هذه التغطية المميزة”.. والمفترض يقول: “نخصم على زميلنا المراسل بسبب هذه التغطية ونشكر المصور، وسأبحث عن وظيفة جديدة بعيدًا عن الإعلام”.
عندما رد مراسل قناة الإخبارية السعودية خالد ربيع على سؤال مذيع الاستديو المخضرم جبريل أو ديّة عن السياحة في منطقة الباحة، وصف المراسل الشاب في بداية تغطيته المظهر العام وأمور لا تحتاج إلى تعليق، فليس من الممكن أن تنفرد الشجرة بالجبل وتحرز هدفًا، ولكنه كان صحافيًا ذكيًا عندما قال إن السياحة في المنطقة تنقصها الخدمات لتزيد وهجًا مفندًا المتطلبات منها الفنادق والمطاعم والإنترنت، لتلبي الإقبال الكبير على المنطقة من قبل المصطافين.. هذا ما نسميه مراسلاً صحافيًا يقدم ما لا يقع في بؤبؤ المشاهد، وينقل للمتابعين وقبلهم المسؤولون الأحداث التي لم ترصدها عدسة الكاميرا.
انتقادات عدة طالت مراسل القناة، وللأسف من بعض صحافيين لهم باع طويل في المهنة، ولكن لا عجب فهم اعتادوا على الإعلام التقليدي فيرمون بشباكهم في بحر الكسل المهني، ليصطادوا أكبر قدر من الصحافيين الجدد ويصورون لهم بأن خطهم هو الصحيح.
الجميع شاهد التطور اللافت في قناة الإخبارية منذ تولي الزميل فارس بن حزام مقبض القيادة، فعرف كيف يتجاوز خصومه في طريق مليء بالمنافسين، وفي الوقت ذاته لم تلتقطه كاميرات “ساهر”، فوضع حدودًا رقابية ومهنية ومعه تبدل حال القناة التي دخلت عامها الـ16 إلى الأفضل.
القيادي الإعلامي الناجح بصمته تظهر على المذيع والمراسل الميداني ومعد البرامج ومحرر الأخبار والمخرج وكافة الطواقم الفنية والتحريرية في المؤسسة الإعلامية.. فمن غير المنطق أن يخرج مراسل في قناة إخبارية رصينة ويقول إن البحر لونه أزرق ويمر الموضوع مرور الكرام، ولو فعلها أمام قيادي متمرس لجعله يشرب من مائه ويصف للمشاهدين مدى ملوحته.