فقر النصر «وطناخته»
في تاريخ التنافس الرياضي بين جماهير الأندية ألقاب تمرر دون سبب، بعضها كما يقول المثل “رمية خبل من فوق جبل” أصابت هدفًا لم يكن مستهدفًا، وبعضها ألقاب “للطقطقة”، وبعضها يرتبط بتاريخ أو أحداث للنادي يرى منافسوه أنها “مسبة”.
قبل سنوات لا أعرف تحديدًا متى انتشر لقب “الفقراوي” تجاه من ينتمي للنصر، وأصبح يردده منافسوه دون تفسير للمقولة أو تعريف بالمسمى، لأن النصر لم يكن يومًا به فقر رجال ولا فقر مال ولا فقر بطولات، فالنصر الذي كان ولا يزال من الأندية التي تنادي وتطالب بثقافة التنافس في الميدان، وكان قائد هذه الثقافة الرمز الأمير عبد الرحمن بن سعود الذي استمر طيلة سنوات رئاسته للنادي وهو يقاتل في المنابر وفي أعمدة الصحف لتكريس مبدأ المنافسة في الملعب، ونجح في ذلك مرات واستعصت عليه أخرى، لأن الطوفان يكون أقوى أحيانًا، لهذا فالنصر الذي تعاقبت عليه الأجيال كان يصدر الرجال ولم يعانِ فقرًا في هذا المجال.
في الميدان يكفي النصر أنه قدم ماجد عبد الله وهذا وحده كنز فني لا تزال الكرة السعودية تعيش فائض خيراته منذ أول لقب دخل خزائنها.
وفي البطولات كان النصر مثل غيره من الأندية الكبيرة في كل العالم التي تعيش لحظات فراغ في تاريخها، ولكنها ما تلبث أن تعود من حيث توقفت في أول الطابور .
وإذا كان المقصود فقر المال فالنصر الذي بقي صامدًا منافسًا بطلاً كل هذا العمر لا يمكن أن يبقى كذلك بجيوب خاوية وخزائن لا شيء فيها، لأن الأندية الفقيرة تبقى قريبة من المائدة ولكنها لا تشارك الأغنياء الجلوس على الطاولة، وهذا ليس النصر.
النصر الذي كان يعيبه منافسوه بالفقر ولم يحددوا نوعية هذا الفقر لأنهم لن يجدوه، تجاوز حاليًا حياة الغنى إلى مرحلة تصدير الثروات، فهو يصدر ثقافته التنافسية والفنية والاستثمارية وأعضاء شرفه تقريبًا هم الباقون في الساحة دعمًا وتبرعًا.. ويعمل النصر على تعاقدات نوعية بمبالغ يعجز منافسوه عن دفعها، ويتأهب لأن يستقل بملعب خاص لعشر سنوات، ويخطط لأن يكون هدفه القادم تحقيق العالمية الثانية. والأهم أن أغلب اللاعبين “المهمين” في الأندية أصبحت عيونهم تنظر للنصر كهدف، وهذه النقطة تحديدًا لا يصل إليها أي نادٍ إلا أنه يكون قد وصل لمرحلة “الطناخة”.