العلاج
بالفن!
- يظل التحليل النفسي، واحدًا من أهم الأدوار التي يُمكن للفنون والآداب أن تلعبها، باتفّاق ضمني ومبطّن مع المتلقّي!.
- العجيب والطّريف في آن، أنّ كلًّا من طرفي الإبداع: الفنّان والمتلقّي، يقيمان اتفاقًا، شبه خفيّ، فيما بينهما يقضي بعدم طرح مسألة التحليل والعلاج النفسي بشكل مباشر!. بهذا يتم نفي الاستعلاء والدّونيّة معًا، ويتم الأمر على شكل صُحبة وصداقة!.
- عن طريق هذه الصُّحبة يتم قبول أي أخذ على أنه عطاء، ويصير لأي عطاء شكل الأخذ!. كلاهما، الفنّان والمتلقّي، مُمْتَنّ للآخر!.
- تعرض الرّواية، وكذلك المسرحيّة، وكذلك الفيلم السينمائي، والأغنية أيضًا، سيلًا من المشاعر والأحاسيس، تجتمع وتتفرّق، تتكثف عند نقطة وتكاد تتلاشى عند أخرى. وعند واحدة أو أكثرمن هذه النقاط أو الفواصل، يرى المتلقّي شيئًا منه وقد تشكّل هناك بعيدًا عنه!.
- يشعر باهتزازة خفيفة لهذا السبب!. يسمّيها رعشة طرب أو فتنة إعجاب أو ومضة انبهار، أو لا يُسمّيها!. المهم أنه يشعر بها، وبسبب منها، يحاول الاقتراب من العمل بتركيز أكثر!.
- ربما يُوجِد مثل هذا الافتتان حالة خوف، وسواءً كانت صادمة أو سمحة، فإن المتلقّي يدري بأنه في مَأْمَن!. ذلك أن فوضى المشاعر محكومة بنظام العمل الفني نفسه!. بذلك يكون حتى الخوف مبهجًا، تمامًا كما هو الأمر في مدينة ألعاب!.
- هو مهما تاه مع القصيدة وفيها، فإنه يدري بشروط إنتاجها!. الإيقاع والأوزان، والقوافي، تحميه من الضّياع!.
- ما إن يقترب المتلقّي من العمل الفنّي الجيّد، متحفّزًا ومسخّرًا كل تركيزه لتأمّله، حتى تتكشف له عجائب. يجد نفسه وقد توزّعت على الألوان والمشاهِد والمقاطع!.
- في الرواية مثلًا، يجد نفسه يشبه شخصيّة ما في لحظة، وفي لحظة أخرى يجد نفسه شبيهةً ومتمثّلةً في شخصية أخرى تمامًا، وفي الأخير يجد أنه مجموعة كبيرة من الشخصيّات، بعدد شخصيّات الرواية وربما أكثر!.
- اللوحة التشكيلية، والموسيقى الخالصة، تلعب الدور نفسه بتسريب مشاعر وأحاسيس تُخاطب الوجدان، يظن المتلقي أنه اقتنصها، وتظن هي أنها نجحت في استدراجه إلى مُبتغاها، وكل منهما مُحقّ فيما ذهب إليه!.
- بهذا يكسب المتلقّي تحليلًا نفسيًّا، بغض النظر عن درجته أو أثره، لكنه يساعده في فهم ذاته وترتيب مشاعره ويُقرّبه من العلاج هذا إن لم ينجح في معالجته أصلًا!.