الهلال يخسر «السوشال» ويكسب الرجال
قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وعندما كانت الصحف الورقية وسيلة متابعة الأخبار الرياضية وما يدور في رحاها، يقف بعض الإداريين في الأندية بالمرصاد للصحف ويمنع دخولها معسكرات الفريق الأول لكرة القدم التي تسبق المباراة.
ومنهم من يقتطع الملحق الرياضي مبررًا اختفاءه بأنه سقط سهوًا أو أن القسم الرياضي في المطبوعة يتمتع بإجازة جماعية، والرقابة تكون أكثر صرامة مع الصحف المتخصصة في الرياضة، وصنّفت أنها من المحرمات، كأكل المفطح قبل صافرة الحكم..
بعضهم كان يفكر بوضع لوحة إرشادية بالمنع أسوة بالتدخين، وكنت شاهدًا على تلك الأيام لقربي من المعسكرات في ذلك الزمن..
الأسلوب التقليدي الذي يقوم به الإداريون بإيعاز من رؤساء الأندية أو المدربين ولنقل بعضهم، يأتي من أجل تركيز اللاعبين على المباراة وعدم تشتيت أذهانهم بقراءة أخبار أو مقالات صحافية قد يكون تأثيرها عكسيًّا على اللاعب..
تبدو الطريقة قديمة وبالية في نظر الكثير وأن اللاعبين أكبر من أن يتأثروا بمقال كتب سواء مدحًا أو ذمًّا ولكن ذلك غير صحيح، فالغالبية منهم المزاجية تتحكم بما يقدمون داخل الملعب، والصحف كانت أكبر مؤثر يومها.. وإلا لماذا كانت تمنع من الدخول؟..
في زمن الانفتاح الإعلامي في وسائله الجديدة، لا يستطيع الإداريون أن يمنعوا وصول الأخبار وردود الفعل والتغريدات إلى أجهزة اللاعبين الذكية، إلا إذا كان لديهم سيطرة على شركات الاتصالات والإنترنت، فيقضي اللاعب وقتًا طويلاً في المعسكر ممسكًا بهاتفه ويتابع كل ما يكتب عنه وعن المباراة المرتقبة والوعود الشرفية والنقد اللاذع والمديح الزائد، “السوشال ميديا”.. بحر ليس له قرار..
قبل ديربي “الحر” و”الصمت”، الذي ضرب الهلال جاره النصر برباعية موجعة مقابل هدف في دوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين، تحدث بعض أعضاء شرف نادي النصر وصحافييه وعدد من لاعبيه السابقين والجماهير بأكثر من لغة، منها التهكم على الخصم وتعزيز نظرية المؤامرة والثقة المفرطة والذهاب بالمباراة بميادين أخرى بعيدة عن العشب الأخضر، فكانت النتيجة تلقي شباك برادي جونز أربعة أهداف واقتراب الهلال من اللقب..
في المقابل، في الكيان الأزرق تحدث كل من حوله بلغة الصمت، فعمّ الهدوء أرجاء المعسكر، ودخل اللاعبون المباراة بتركيز عالٍ وحققوا ما كانوا يصبون إليه..
يستحق الهلاليون النقاط الثلاث، فلقد خسروا معارك “وسائل التواصل” وكسبوا في ميدان الرجال.