اعتزل
يا شلهوب
عندما يخطئ لاعب في مطلع العشرينيات في تمريرة، فصوت في المدرج يصيح عليه، “طلعوه توه صغير”، وفي حال ارتكب الخطأ “ثلاثيني” فالصوت ذاته يصرخ عليه “حرام هذا يندفع فيه ملايين”، وإذا تخطى الـ35 من عمره، النداء يخرج من جديد: “اعتزل يا الشايب”..
كرة القدم تصبح لعبة أكثر ظلمًا في حال بني التقييم على معيار الجماهير، فهم تقودهم العواطف، ولا يلامون، فاللاعب المغضوب عليه لو صنع هدفًا أو هز شباكًا لتبدلت صرخات الويل إلى قبلات، ولأضحى العشريني اللاعب الخبير، وملايين الثلاثيني حلال عليه، ومن شارف على الاعتزال أصبح الأصغر في المباراة.. معايير المدرجات انتقلت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتحولت من أسلوب لفظي إلى كتابي.. لغة الجماهير التي يتحدثون بها وطبعًا بعضهم استطاع أن يصف كلمتين بطريقة مبهرة وفجأة وجد من يمنحه لقب إعلامي، فغصت بهم القنوات الفضائية..
بعد مباراة الأهلي والهلال في دوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين والتي هزت الكيان الأزرق، تصفحت “تويتر” فوجدت اسم محمد الشلهوب “ترند”، توقعت بأنه أعلن اعتزاله، فتحت “الهاشتاق” وتجولت فيه، وندمت بأني اتخذت ذلك القرار، انتقاد لاذع وشتائم وكلام مسيء يطال قائد الهلال كونه لعب 13 دقيقة فقط وأخطأ في تمرير أكثر من كرة، وعند دخوله لم يكن الأزرق فائزًا وانتكس بعد أن وطأت قدماه العشب، ولكن هو حاول أن يصلح ما يمكن إصلاحه لكن فريقه لم يكن في يومه وقتها.. هي كرة القدم..
أكثر العبارات التي قرأتها هو مطالبة الشلهوب بالاعتزال وهم أنفسهم من نادوا ببقائه بعد تحقيق الآسيوية، هو يعيش في نهاية الثلاثينيات من عمره، الكثير من المدربين يستغربون كيف للاعب أن يوقف عداد العمر، ويركض كما أنه في ربيعه، وفي التدريبات اللياقية يتصدر الصفوف الأولى..
لاعب طبق معنى الاحتراف وهو في الـ12 من عمره برعمًا قبل أن يكون نظامًا من قبل اتحاد القدم، في العام 1993م ولا يزال هو ذلك الفتى الصغير العاشق لكرة القدم والذي “يتوسدها”، ولكنه حاليًا يدرك بأنه سيفارقها مرغمًا.. بعد أن كان لسنوات طويلة مغرمًا..
لا أحد يستطيع أن يملي على الشلهوب أن يعتزل أو يبقى إلا هو نفسه، فهو ينتظر إشارة من إحدى قدميه لا أعتقد بأنها قد وصلت، ولحين موعدها علينا أن نحترم تاريخ وقيمة لاعب أسطوري خدم الكرة السعودية 20 عامًا.. فهو سيرحل دون أن نطلب منه، إلى ذلك على هؤلاء ان يعتزلوا الكلام المسيء قبل ان يطالبوا با عتزال الشلهوب او غيره.