كهرباء «الجسمي».. وطقوس «النحس»
نجح الفنان الإماراتي حسين الجسمي في تقديم أغنية باللهجة المصرية فيها كثير من “الطبطبة والكهرباء”، أخذت أصداء واسعة، وتبدو البساطة التي يستخدمها في أسلوبه الغنائي سرّ تفوقه، أحد الأصدقاء يستمتع بالأغنية ويعيش بين مقاماتها الموسيقية ويتنقل بين لحنها ويردد كلماتها، وعندما نطق الجسمي كلمة “كهرباء”.. خفض الصوت فجأة ليطير مع عصفور تويتر يبحث عن انقطاعات في الكهرباء في مصر أو أي مكان آخر..
تصرف صديقي استفزني كثيرًا، دخلت معه في نقاش لكنه مؤمن بنظرية “النحس” والطقوس المصاحبة له، فشاهد خلال جولته في “السوشال ميديا” انقطاع كهرباء في عدد من المنازل في إحدى المحافظات في دولة ما بسبب حمل زائد، ليربط بين الأغنية وظلمة ذلك المكان.. ولا أعرف هل ذهب الفنان الخلوق إلى تلك المحافظة ممسكًا بـ”بزرادية” ليقطع الكابل النحاسي عن بعض منازلها، أم منع رب الأسرة من سداد الفاتورة..
في الفترة الماضية، اسم الجسمي نافس كلمة “كورونا” لكثرة تردده في وسائل التواصل، ليس كونه قدم عملاً جيدًا أو احتفاله بميلاده الـ42، ولكن لربطه بالأحداث المأساوية التي حدثت وجعله سببًا كونه غنى أو غرّد أو تحدث عن ذلك الأمر قبل فترة من وقوعها..
العقليات “الضعيفة” التي تروج لمثل هذه الخرافات “الهامشية” وتجعل منها حقيقة دامغة، يحاولون الزج بك في عالمهم المليء بالتشاؤم، وطقوسهم المضحكة، فالعقلاء يقفون بالمرصاد لهم، ولكن كم من شخص بسيط أو صغير في السن يشاهد مثل تلك الخزعبلات وتأثروا بها، فانعكس على علاقتهم بالفنان أو الشخص الذي وقع ضحية هؤلاء المتطيرين..
أهل الشؤم لم يخرجوا في زمن الإعلام الجديد بل حتى العصر الجاهلي عانى منهم، من دون أن يمسكوا بالأجهزة الذكية..
ديننا الحنيف يحثنا على عدم التطير وحسن الفأل كما جاء في القرآن الكريم وأحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقال عندما ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَه: “إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ: “اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَقُوَّةَ إِلَّا بِكَ”.
رسالتي لمن يروج لمثل تلك الرسائل “المسمومة” للنيل من الفنان الجسمي وجعله نذير شؤم أو غيره من الأشخاص، عليهم أن يتقوا الله سبحانه في أعمالهم، ويعودوا إلى صوابهم، ويتركوا التطير ويحسنوا الظن بخالقهم، ولا يكونوا كالبوق الذي يبث صوتًا نشازًا يجرح المسامع..
نفخر بالفنان القدير حسين الجسمي فهو أسطورة في مجاله وتاريخ طويل سطره بالأعمال الخالدة، وأسعدنا كثيرًا ولا يزال يبهجنا بصوته الشجيّ، ولن تنال منه تلك الأصوات المتطيّرة..