المدينة
الحكومية
كنت في سنوات عضوية الاتحاد الآسيوي أذهب إلى “ماليزيا” كثيراً، وكانت “كوالالمبور” تبهرني ببنيتها التحتية التي تبتلع مياه الأمطار الغزيرة دون أن تترك لها أثراً في الأرض، ولكنني علمت من أصدقائي الماليزيين أمراً مبهراً آخر قام به عراب التخطيط الإداري “محمد مهاتير”، ألا وهو مدينة “بتروجايا” التي تضم كل الدوائر الحكومية وتبتعد عن “العاصمة” قرابة 40 كم أو 20 دقيقة بقطار، يربطها بالمدن الأخرى فكانت بمثابة “المدينة الحكومية”.
الفكرة أراها مناسبة للتطبيق في وطني الحبيب، بحيث يتم إنشاء مدينة شمال العاصمة وعلى خط “سار” يتم نقل كافة الوزارات والدوائر الحكومية لها، مع بناء مدينة سكنية متكاملة بمدارسها ومستشفياتها وفنادقها وحدائقها وأسواقها وغيرها من متطلبات الحياة المدنية، وبذلك يتم تخفيف العبء على “الرياض”، ويتم تأسيس البنية التحتية المثالية في “المدينة الحكومية”.
لقد أصبحت “الرياض” مدينة مكتظة بالسكان الذين جاءت أعداد كبيرة منهم بسبب الارتباط بالعمل الحكومي الذي استوجب انتقالهم وعائلاتهم للعاصمة، وسيكون الخيار المثالي لغالبيتهم السكن بالقرب من وظائفهم مع خيار الوصول السهل والسريع للعاصمة عبر القطار أو السيارة، وسيكون من المتوقع تنامي الأعمال واتساع الأسواق في محيط “المدينة الحكومية”.
تخيلوا معي تفريغ “الرياض” من غالبية الدوائر الحكومية وتخفيف الازدحام فيها، وكذلك تسهيل مهمة المراجع لتلك الدوائر، بحيث تكون مجتمعة وقريبة من بعضها بعضًا، كما أنها ستكون مبنية على أسس حديثة تتناسب مع رؤية 2030 من حيث رفع مستوى جودة الحياة، ويقيني أن المشروع ناجح بكل المقاييس لأنه يشكل بداية جديدة ونقلة نوعية في مستوى الأداء لكافة الجهات التي ستنتقل إلى “المدينة الحكومية”.
تغريدة tweet:
“مدينة محمد بن سلمان” رائد الرؤية قد يكون الاسم المثالي لتلك “المدينة الحكومية”، لأنها تمثل بعضاً من رؤيته، كما أنها تعني ابتكار رئة جديدة يتنفس منها الاقتصاد الوطني من حيث مشروعات الإنشاءات والإسكان والتعليم والصحة والترفيه وغيرها، بالإضافة إلى أنها ستحيي المدن الصغيرة في “سدير”، حيث إن قربها من “المدينة الحكومية” سيعزز قدرة تلك المدن على النمو والازدهار استجابة لمتطلباتها المتعددة، وقبل ذلك وبعده تبقى الفكرة قابلة للتطوير من حيث الموقع والتفاصيل، ولكنني أكاد أجزم بأنها حل مثالي لكثير من المشاكل التي تعانيها العاصمة، وعلى منصات المدينة الحكومية نلتقي.