الصقور.. موروث الأجداد
إلى العالمية
لكل لعبة موطنها، فلقد تحولت مواريث شعوب في عقود ماضية إلى ألعاب رسمية وصلت إلى العالم وشكلت نواة الرياضات في مختلف المجالات، فمن ينسى أن الجلدة المنفوخة التي ركلها الإنجليز قبل مئات السنين وقبلهم الصينيون تحولت إلى اللعبة الأكثر شعبية في العالم، ومن يتخيل أن الأمريكي جيمس نايسميث مدرس التربية البدنية عندما أمسك الكرة بيده وبدأ يرميها جاءته بعدها فكرة “السلة”، واخترع لعبة صاحبة الشعبية الأولى في بلاده.
الألمان قدموا لنا كرة اليد، ومحاولات الهندي شانو نانا لإحياء موروث في بلاده طوره ليصبح في يومنا ما يسمى “الشطرنج”.
عرف الأمريكيون والأوروبيون وغيرهم الطريقة المثلى لتسويق مواريثهم في اللعب وأتقنوها أكثر من إجادتهم للعبة نفسها، فغزوا العالم وشكلت مواريثهم اللبنة الأساسية للرياضات والألعاب المختلفة في الزمن الراهن.
في بلادنا المملكة العربية السعودية الكثير من المواريّث الأصيلة التي كانت تظهر في وقت سابق على استحياء ولم تأخذ طابع الرسمية، فلم تتخط اجتهادات شخصية ينقلها الأبناء عن الأجداد، والبعض منها اندثر، والآخر لا يزال موجودًا ولكنها لم تلق الاهتمام الذي قد ينقلها إلى العالمية.
من ضمن المواريّث التي نفتخر بها هي هواية صيد الصقور، التي تُعد إحدى الهوايات التراثية العريقة، ولكنها افتقدت إلى التنظيم والتطوير منذ عقود طويلة.
في زمننا الحالي نجد اهتمامًا حكوميًّا كبيرًا بالحفاظ على الموروث في الصقور، وتحقيق أحلام عشاق هذه الهواية بتحويلها إلى مسابقات رسمية تكون نافذة للعالمية مستقبلًا، فكان تأسيس نادي الصقور السعودي بأمر ملكي في عام 2017 ليشكل أولى الخطوات للحفاظ على الهواية والهوية، وتوسيع قاعدتها المجتمعية، وتنظيم ممارستها، والتنسيق بين هواتها ودعمهم.
سعدت كثيرًا بتناقل وسائل إعلام عالمية ومنصات التواصل الاجتماعي نشاطات نادي الصقور في السعودية ومتابعة مزاد الصقور الأول، المقام على أرض مهرجان الملك عبد العزيز، شمال مدينة الرياض، وتتبع موروثنا العريق الذي كان ينتظر فقط التنظيم والاهتمام وهو ما أصبح عليه الآن.
ويُشكر كل القائمين على نادي الصقور على الجهود المبذولة في مزاد الصقور وكافة منافسات النادي، التي ستكون نواة لإطلاق موروثنا إلى العالم بشكل احترافي، فلقد تمكنوا من تحويل الصقور من منافسة تقام على طابع الترفيه وتمثل تراث الأجداد إلى رياضة رسمية تشكل استثمارًا حقيقيًّا لمرتادي تلك الهواية وتقدم تنافسًا مميزًا.
وعلى وسائل الإعلام المحلية كافة الاهتمام بمثل هذه المواريث التي تمكن صُناعها حاليّا من تحويلها إلى بطولات رسمية ونصدّرها إلى العالم بثوب سعودي “أصيل”.