النهي عن المنكر بـ «معروف»
رجل يفرق بين زوج وامرأته في “الشارع”، لإثبات أنهما وقعا عقد النكاح، وآخر يداهم صالون حلاقة ويقبض على الشباب، وثالث يتعامل مع الطرق كونها مخصصة لسباقات السيارات ويبدأ في مطاردة المخالفين في وجهة نظره، ورابع يهدد بالعصا، وخامس ينهر بشدة فتاة كونها لم ترتدِ الحجاب بالشكل الجيد.
لوحات مختلفة أطّرها بعض من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأخطاء “كوارثية” في حقبة الثمانينيات والتسعينيات وبداية الألفية، احتضنتها عقولنا ويصعب تغييرها، فلا يزال مشاهد تجاوزات البعض عالقة، ويعيدها العقل الباطن من دون فواصل مرارًا وتكرارًا حتى تحولت إلى “كوابيس” ذهبت بعيدًا عن المنام، فالرابط الذي يجمع رجال الهيئة والمجتمع هو الخوف.
في السنوات الأخيرة تبدل الحال، وزالت أخطاء رجال الحسبة، فأضحى الأمر بالمعروف بـ “المعروف” والنهي عن المنكر “دون ارتكاب منكر”، وتبدل رابط الخوف إلى الاحترام، واستمد أعضاء الهيئة قوتهم من العلم والتدريب، واختفى مرتكبو التجاوزات ممن شوّه صورة هذا الجهاز الحكومي.
ولكل من لا تزال الصورة النمطية عن أخطاء بعض رجال الهيئة السابقين والذين لا يلامون في عدم محوها، أدعوهم إلى متابعة لقاء الدكتور عبد الرحمن السند الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في برنامج سؤال مباشر مع العزيز خالد مدخلي الذي بثته قناة العربية.
الدكتور السند أعرفه عن قرب واستبشرت خيرًا عندما صدر الأمر الملكي بتعيينه رئيسًا عامًا للهيئة قبل ما يربو على السبعة أعوام، فأعرف شخصيته جيدًا بحكم عمل جمعنا سنوات طويلة، ونجح في كل ملف أوكل له، وها هو يحدث نقلة كبرى في جهاز الهيئة ويبدل الخوف إلى الرحمة.
وعلى مدار أكثر من 29 دقيقة نجح الزميل خالد مدخلي وفريق عمله في الخروج بحلقة “استثنائية” وفتح ملفات قديمة عقد “حاجبيّه” في كل سؤال يطرقه وكأنه “لذع” من الأخطاء في تلك الفترة “المظلمة”، فوجه أسئلة “ساخنة”، سرعان ما نزلت درجة حرارتها مع أجوبة الدكتور السند الذي اعترف بالكثير من الأخطاء السابقة، لينتهي اللقاء بضحكة المحاور والضيف..
لم يجد رئيس الهيئة حرجًا في الاعتراف بأن تنظيم الأخوان المسلمين اخترق جهاز “الحسبة” في وقت سابق، مشيرًا إلى أنه وضعت مبادرات وخطط لإبعادهم ونجحوا في ذلك.. مفاهيم عالقة صححها السند من خلال اللقاء.. فدعونا نصافح رجال الهيئة ونستبدل الصورة الذهنية العالقة ولا نحمل الحاليين أخطاء السابقين.. ونقبل منهم الورود ولا ننظر لها بأنها خيزرانة.