يوميات
مشجع غلبان
يتداخل، ينتقد، ينفعل، يغضب، يضع حلولًا، يرتبك، يتصل على أصدقائه.. إن هُزم فريقه قلب بيته إلى ساحة شجار ونكد، وإن استقطب فريقه لاعبًا محترفًا جديدًا غرَّد وتباهى بأنه هو صاحب الفكرة أساسًا، وتحدى أنداده من مشجعي الفرق الأخرى. يعارض بعض الاستقطابات والأسماء الجديدة المقترحة للانضمام إلى فريقه، يضع الخطط.. يسفه آراء المدرب، يطالب بتغيير الظهير ولاعب الوسط.. وقلب الهجوم الذي أهدر فرصًا سهلة، انقلب على حارس المرمى المفضل لديه، وطالب بإلغاء عقده..!
إن فاز فريقه أطلق العنان لأفكاره المخملية، متباهيًا بفريقه الذي لا يقهر.. وسخر من الفرق المنافسة، واعتبر نفسه شريكًا في الانتصار، كيف لا فهو يتصور أن أفكاره وآراءه قد وصلت “للمعنيين” وتم قبولها والأخذ بها، يسير بين رفاقه مزهوًا متفاخرًا، وعبر واتساب وتويتر ينثر “البهجة” “والتفاخر” “والتباهي”، فقد تعاقد ناديه مع المهاجم “الفذ” الذي سيحقق بطولات كبيرة لفريقه.. فقد تمكن هو بفكره ‘الثاقب” أن يصدر رأيه الكريم ونصيحته للإدارة بأهمية وإمكانيات هذا اللاعب.. وفي الأسبوع التالي، وهو يتباهى بفريقه، خسر بنتيجة كارثية، فصب جام غضبه على المدرب والرئيس وبعض اللاعبين، ولم يسلم منه الحكم ومساعدوه، وحتى المترجم الذي اكتشف أن ترجمته ركيكة، أما الحكم فقد تعمد هزيمة فريقه! ويجب فورًا الاستغناء عن بعض اللاعبين الذين تباهى بهم بالأمس، أصبح يعيش دوامة مضنية، بين أفكاره المتأرجحة وواقع مرير يعيشه فريقه.
كرة القدم -أصلًا- فن.. وقدرات، وإمكانيات، وتدريب، وتنظيم، وتخطيط، ولياقة، وبعض حظ وتوفيق، وفوز هنا وخسارة هناك.. هيهات، فصاحبنا لا يؤمن إلا بأفكاره، ومن ثم فقد ألقى باللوم كاملًا على المدرب والرئيس وبعض اللاعبين، وطالب فورًا بالاستغناء عنهم جميعًا، فالرئيس جاهل.. وربما أكثر، والمدرب “سباك” وبعض اللاعبين لا يستحقون ارتداء فنيلة فريقه الهمام! راح ينشر في مجموعات التواصل الاجتماعي الذاخرة نتاج أفكاره ومواقفه الساذجة.. المتناقضة.. وأنه كان أساسًا ضد التعاقد مع المدرب وبعض اللاعبين، هو مجرد مشجع وسط جمهور.. ومكونات.. وشطحات.. ومشاعر متضاربة.. وصدمات نفسية لا تنتهي.. لأن البطولة واحدة، يفوز بها فريق واحد فقط.. وتهرع “جماهير البقية” إلى “اللطم”.. “والنواح”.. والأفكار العشوائية..
عجیب بعض هذا “الجمهور” فبينهم الحصيف الرزين المحنك، وضمنهم كذلك من نصب نفسه: لاعبًا.. ومدربًا.. وحكمًا.. ورئيسًا.. ومشجعًا.. وناقدًا.. ومخططًا.. وعبقريًا فذًا.. أين ذلك كله من أداء فريقه الضعيف، وانعدام مساهمته هو في تحمل ولو جزء بسيط من المسؤولية والتبعات المادية أو الأدبية، لتهيئة وإعداد فريق قوي؟ فهو لا بد وأن يجد “كبش” فداء يعلق عليه شماعاته المتناثرة، وفشله “الفكري” وإخفاق فريقه والمدرب والرئيس..! إنه مجرد مشجع غلبان.. تحول إلى “مشروع” “خبير رياضي”..!