من يصرخ في آذان
لاعبي الأهلي؟
الليلة تعود الحياة لملعب الذكريات، والبدايات في مشواري الإعلامي، إذ بدأت مراسلًا لتغطية أحداث ومباريات في ملعب “رعاية الشباب بجدة” قبل أن يسمى بملعب الأمير عبد الله الفيصل، ذكريات كثيرة، ومشاوير كنت أقطعها بعد كل مباراة من الملعب، الذي يقع في جنوب جدة، إلى مقر صحيفة عكاظ في وسط المدينة، وذكريات التزاحم على جهاز الفاكس الوحيد في الملعب بعد نهاية المباراة لإرسال تحليل المباراة والتصريحات.
وتحديات الزملاء. توقف الملعب سنوات وتغيرت الصحافة ووسائل الإرسال وبقيت الذكريات. ومن الذكريات أنه في ليلة إطلاق الملك عبد الله اسم الأمير عبد الله الفيصل في نهائي الكأس اتصلت مباشرة، وكنت في الصحيفة، وليس في الملعب، بالأمير محمد العبد الله الفيصل “رحمهم الله جميعًا”. لأخذ تصريحٍ منه عن إطلاق اسم والده، رائد الرياضة، على الملعب، فقال ثلاث كلمات فقط. “نِعم الاسم والمسمى”.
توقف الملعب بعدها بسنوات للصيانة، إلا أن هذه الصيانة تحولت لتغيير شبه كامل، فكل أجزاء الملعب، الذي تربطني به ذكريات تقارب الأربعين عامًا، تواجدت خلالها طفلًا عندما كنت أحضر مع ابن عمي الغالي أحمد الشيخي أبو سعود الاتحادي حتى النخاع، الذي لم يكن يفوت أي مباراة للعميد، وحضرت وأنا شاب مع صديق العمر العميد فهد الحربي، ونحن لا نزال على مقاعد الدراسة، لأغلب مباريات الأهلي، كنا نفترش السجادة على صبات إسمنية أيام دابو والصغير، رحمهما الله، وبعدهما جيل حسام وباسم أبو داود وطلال صبحي، وتواجدت إعلاميًا لسنوات، لهذا فأن للملعب ذكريات لا تنسى، ومواقف لا تحصى، ويشكل لنا الملعب جزءًا من تاريخنا وطفولتنا وشبابنا، ولا يزال الحنين يطغى على علاقتي بالملعب، الذي تأخر علينا كثيرًا، ولكنه عاد شابًا بعد أن غزا الشيب رؤوسنا.
وها هو يعود الليلة بحلة جديدة وذكريات مختلفة للناديين العريقين والأجيال متعاقبة، ولكن يبقى لمعاصريه ذلك الملعب، الذي استطعموا من خلاله حلاوة كرة القدم ومرارتها.
أما فيما يتعلق بديربي هذا المساء، فهو لن يكون نسخة من سنوات عشر مضت، كان فيها الأهلي هو المتسيد، بعد أن افتقد عناصر قوته، ويعود إليه العميد مختلفًا بجيل جديد يبحث عن سداد واحدة من فواتيره القديمة، إلا إذا شعر لاعبو الأهلي بأن هناك من يصرخ في آذانهم “افيقوا من غفلتكم، فهنا تاريخ من سبقكم، وعلى هذا الملعب سطروا جزءًا من موروث ناديكم” عندها سيكون للديربي حديث آخر.