كأس الإتقان العربي

سُعدت الجماهير الرياضية العربية بمختلف أطيافها بمتابعة شيقة لبطولة كأس العرب الأخيرة، التي أقيمت في دولة قطر، وفاز بها منتخب الجزائر بجدارة. وتعدُّ هذه النسخة الأجمل والأكثر إتقانًا وجودة، والأفضل إعدادًا وتنظيمًا بين البطولات العربية السابقة.
ونُظِّمت المسابقة العتيدة بمشاركة 16 منتخبًا عربيًّا، وغياب ستة هي: الكويت، واليمن، وليبيا، والصومال، وجيبوتي، وجزر القمر، مع عدم مشاركة اللاعبين العرب المحترفين في أوروبا، ما عدا تونس، وجرت فعالياتها على مدار 18 يومًا على ملاعب قطرية عصرية، وظهرت البطولة بحلة قشيبة، وتميَّز حفلها بعزف مشترك للأناشيد الوطنية العربية.
وتعدُّ هذه البطولة النسخة العاشرة، إذ أقيمت الأولى عام 1963 في لبنان، وفاز بها منتخب تونس، بينما جرت النسخة التاسعة عام 2013 في السعودية، وفاز بها المنتخب المغربي. ولم تقم المسابقة دوريًّا نتيجة “الخلافات” العربية، والحروب والاضطرابات، وعدم الاستقرار، ولم يتسنَّ لمعظم المنتخبات العربية التي لديها محترفون في أوروبا استدعاءهم للمشاركة في البطولة، وعمدت إلى إشراك المحترفين في الدوريات العربية التي توقف نشاط أغلبها إبان إجراء البطولة، وشاركت الجزائر بمنتخبها الأول، حيث استعانت بخمسة من عناصر المنتخب الأول، وأضيف إليهم بعض اللاعبين الجزائريين في الدوريات العربية، وجلب منتخب تونس عددًا من لاعبيه المحترفين في أوروبا، وافتتح مباريات البطولة بلقاء موريتانيا على ملعب أحمد بن علي.
وأقيمت البطولة خمس مرات أخرى حتى عام 2013 كآخر نسخة ينظمها الاتحاد العربي لكرة القدم، وأصبحت نسخة 2021 الأولى التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم، وفازت ستة منتخبات عربية ببطولات كأس العرب العشر، فقد فاز العراق باللقب أربع مرات، والسعودية بلقبين، وتونس، ومصر والمغرب والجزائر بلقب واحد لكل منتخب.
وأبهرت قطر الجماهير العربية بمونديال عربي جميل، وبذكاء وافتتاح واختتام رائع، واهتمت بأدق التفاصيل، سواء بجمالية الملاعب، أو النقل التلفزيوني، أو جودة التنظيم والتحكيم والعلاقات العامة، وذهبت بطولة كأس العرب لمنتخب الجزائر الذي استحقها بجدارة، مع أن معظم لاعبيه الدوليين الذين يلعبون في فرق أوروبية غابوا عنه، وجاءت فعاليات كأس العرب التي نظمتها قطر بصورة رائعة، وبمنزلة “الاختبار القوي” الذي نجحت فيه قطر من حيث الإدارة والتحكيم والضيافة والحضور الجماهيري والملاعب والمرافق والشركات المنظمة والمشغلة للنقل التلفزيوني، وذلك كتمهيد عملي لبطولة كأس العالم 2022.