إعلام
«جلد ونقد»
الشائع عن كثير من الإعلاميين دائمًا، أنهم “سوط نقد”، يتحدثون عن الأخطاء، ويبحثون عنها، ويفرحون بها، لأنها بضاعتهم التي يسوِّقونها على طريقة الناقد الشجاع والغيور على المصلحة العامة، والذي يبحث عن جودة العمل وإجادته، وعندما تتحقق هذه الجودة والإجادة يختفي!
هذا الإعلامي الغيور الذي يضرب في كل الاتجاهات، “ويجلد” مَن يتعثر، أو يخطئ بكل عبارات النقد التي يعرفها، أو تلك التي سمع بها، تجده لا يستطيع إخراج كلمة ثناء واحدة تجاه مَن عمل وأنجز ونجح.
هذا فقط توصيف لحال الأغلبية من الإعلاميين، والمقال لا يتحدث بمبدأ التعميم.
أعود إلى ما بدأت به المقال، وأسأل: هل فعلًا بضاعةُ الإعلامي هي النقد فقط؟ بالطبع لا، فهناك جانب آخر مهمَّش لدى كثير من الإعلاميين، وهو إنصاف مَن نجح، وإعطاؤه ما يستحقه من الثناء، لأنَّ هذا يساعده على تقديم الأفضل، ويحفز غيره، كما يبرز دوره بوصفه إعلاميًّا في حالتَي النقد والثناء.
في هذه الفترة، أجدني منحازًا تمامًا لرئيس اتحاد القدم ياسر المسحل، وأعضاء مجلس إدارته، والأمين العام للاتحاد إبراهيم القاسم. أرى حسب النتائج الملموسة لعمل الاتحاد في إدارة الموسم الرياضي ككل، أو في نتائج المنتخب الوطني، أنهم يستحقون كل كلمات الثناء والشكر والتقدير، وهذا ليس لأن المنتخب تأهل بأفضل نتائج وأرقام طوال مسيرته المونديالية السابقة فقط، بل ولأن هذا الاتحاد تشعر بأنه يقدم فعلًا عملًا نوعيًّا مختلفًا عن اتحادات سابقة، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل أكثر كيلا أفتح أبوابًا أغلقت.
كلمات الثناء لا تقلُّ أهميةً عن عبارات النقد، ويمكن للإعلامي أن يتعامل مع الحالتين إذا كان فعلًا يريد أن يمارس دوره الحقيقي بوصفه إعلاميًّا، أما الباحثون عن الزلَّات، وتصيُّد الأخطاء، ومَن يحاولون أن يقدموا أنفسهم على أنهم “جلَّادون”، ولا يظهرون في مثل هذه الأوقات التي تعيشها الرياضة السعودية، فأذكِّرهم فقط بأن اتحاد المسحل حقق ديمومةً للعمل الناجح، وقدَّم عملًا احترافيًّا في إدارة منظومة اللعبة، ونجح في تقليل نسبة الأخطاء مقارنةً بمَن سبقوه، والأهم أنه وصل بالأخضر السعودي إلى مونديال قطر بأرقام غير مسبوقة، ووضع منتخبنا ضمن قائمة الخمسين في تصنيف “فيفا”، وهو رقم لم نصل إليه منذ فترة طويلة، لذا من واجبنا أن ننصفه، أو على الأقل ألَّا نبحث عن الهوامش والتفاصيل الصغيرة لننقده!