«كاريزما»
الجابر وشجاعته
في ميادين كرة القدم، هناك لاعبون، اكتفوا بأن تكون آخر نقطة عرق، سقطت من جبينهم على أرض الملعب كل إرثهم وماضيهم، ومعها تنتهي علاقتهم بالجمهور، ويتحوَّل كل تاريخهم إلى “ألبوم” صور، يحتفظون به في إحدى زوايا منزلهم لمجرد الذكرى، أو لتوريثه لأبنائهم.
وهناك آخرون يصنعون لأنفسهم تاريخًا آخر في مكان خارج حدود الملعب، وسامي الجابر أحدهم.
أحترم في سامي الجابر، أنه يثق في نفسه، ولم يكتفِ بنجوميته داخل الملعب، وإنما استمرَّ في تقديم نفسه، إداريًّا ومدربًا ورئيسًا، والآن أصبح مقدمًا للبرامج.
في مسيرة سامي الجابر “اللاعب” نجاحات وإنجازات وصولات وجولات، لو اكتفى بها لكفته بأن يبقى في أذهان كل الرياضيين، وليس الهلاليين فقط، لكنه كان شجاعًا، وهو يقتحم طرقًا أخرى، ويقدم نفسه في مواقع مختلفة، متخطيًا حاجز العزلة والخجل والخوف من الفشل، الذي فرضه كثيرٌ من النجوم على أنفسهم بعد توديعهم الملاعب.
في مسيرة الجابر بعد الاعتزال محطات متعددة ومختلفة، صنعت منه شخصيةً أخرى، تعشق التحدي، ولا تخشى ردود الأفعال، لذا تنقَّل بين مناصب مختلفة حتى وصل إلى كرسي المذيع، ليقدم “ذاته” في أول تجربة مباشرة مع ضيوف، لهم ثقلهم ومكانتهم وخبراتهم، وظهر وكأنه المتمرس والخبير وصاحب التجربة.
وبغض النظر عن تقييم التجربة، أو نجاحه من عدمه في محطاته المختلفة التي خاضها، كان الجابر شجاعًا، وهو يخوض كل هذه المحطات متنقلًا بين مراحلها، وهو يعرف أن هناك مَن يبحث له في “خرم إبرة” ليثبت فشله.
“كاريزما” سامي الجابر، هي التي ساعدته، بعد أن خلع قميص اللاعب، في أن يتقلَّد منصب الإداري، والمدرب، والرئيس، ومقدم البرامج، وعدم وجود هذه “الكاريزما”، هي التي أبقت غيره من اللاعبين السابقين يتابعونه من خلف الشاشات، وهو يتنقَّل بين كل هذه المراحل.
أحبُّ في سامي الجابر ثقته في نفسه، وحرصه الدائم على تطوير إمكاناته، وصناعة فرص جديدة لمستقبله، وعدم خوفه من الفشل، لذا بقي وهج نجوميته، واستمرَّت مسيرته، وصنع لنفسه جسرًا، يصل من خلاله إلى شريحة أخرى من المجتمع، ويثبت لغيره بأن دروب النجاح للاعب بعد توديعه الملاعب متعددة، لكنها تحتاج إلى الشجاع الذي يثق في نفسه، ولا يخشى ردود الأفعال إن تعثر، أو سقط.