إرث النصر..
المحبة إلى الكراهية!
هل تعامدت شمس النصر فوقه حتى فقد ظله بين أقرانه، بعد أن كان يظهر حاملًا لولاء المظلومية والمظلومين في الوسط الرياضي؟ أو صنع هذه الصورة الذهنية عنه في عيون الآخرين!
لقد رحل رمز الكيان النصراوي الأمير عبد الرحمن بن سعود إلى قبره يرحمه الله، وهو يناصر إلى آخر ساعة من عمره مستقبل وحاضر بعض الظلم الذي يحيط بناديه وكرتنا.
على الأقل رحل مرتاحًا وهو يرى شعبية النصر تزداد في مدرجه وينتشر التعاطف معه، متمثلًا في رمزيته كرئيس أو في الأسطورة ماجد عبد الله ونجوم الفريق أمثال محيسن الجمعان وفهد الهريفي، لقد كانوا أبوابًا مشرعة للحب.
لكن ما بناه في سنوات طويلة، يهدمه بعض محبيه طوبة طوبة، عن قصد أو دون قصد وفي مدة قصيرة!
كان الراحل عبد الرحمن بن سعود، ذكيًا أكثر منه قويًا، يعرف متى يتحدث وكيف وأين يتحدث، ومتى يصمت، وما هي مصلحة ناديه في كلا الحالتين.
لقد تمكن بذلك الذكاء من بناء مسارين متوازيين لشعبية النادي: أنصار للنصر من مشجعيه، ومتعاطفين معه من أنصار الأندية الأخرى، ليصنع بهما سدًا داخل وخارج الملعب، أمام مد شعبية وقوة ونفوذ المنافس اللدود الهلال.
لقد تضخمت فكرة شح النصر ماليَا ومظلوميته من جاره ولجان اتحاد الكرة وغيرهم في الهرم الرياضي لعقود، وأسهم بعض الهلاليين بتصرفات خاطئة أو رعناء في تعزيز تلك الشيطنة، لقد استفاد النصراويون كثيرًا منها.
أتذكر في منتصف التسعينيات الميلادية كيف صنع المرحوم الدكتور عبد الفتاح ناظر رئيس الاتحاد والمرحوم الأمير عبد الله بن سعد رئيس الهلال توافقًا اتحاديًا هلاليًا، ما دفع جمهور الاتحاد إلى ملء ملعب جدة مع جماهير الهلال في إحدى النهائيات أمام النصر، ورفع النعيمة الكأس.
في الموسم التالي نشب خلاف اتحادي هلالي، استغله الرمز النصراوي بذكاء في النهائي التالي في جدة، وضم جماهير الاتحاد الجارفة لتعزز حضور الجمهور النصراوي، ورفع ماجد الكأس.
اليوم النصر بات غنيًا وقويًا، لكنه في طريقة إلى كراهية الآخرين له من أنصار الأندية بعد محبة طويلة.
تخيلت لو كان الرمز النصراوي عبد الرحمن بن سعود حيًا إلى اليوم، لتحسف على الطريقة المستفزة من البعض في تبديد الإرث الواسع الذي خلّفه لاسم النصر في ذاكرة ووجدان الآخرين من المنافسين.